Pages

28.2.12

لقاء


    • رأت البوستر الكبير المعلق أمامها و هي تمر بسيارتها مسرعة على كوبري السادس من أكتوبر.. ذاهبة لعملها. لا شئ جديد. حتى البوستر الذي لفتت ألوانه نظرها للمرة الأولى موجوداً منذ ما يقرب من شهر. صورة ضخمة بخلفية بيضاء, فيها يرتدًى المغنى الشهير قميصاً سماوي و جاكيت بنفسجي, الألوان تبدو متناسقة.

      لكن كيف يلتقي لون الفرح بلون الحزن و يندمجان هكذا.. تساءلت.


      السماء التي حين نرفع رؤوسنا و ننظر لها تتسرب إلى أرواحنا أسباب الفرح. واللون البنفسجي المستوحى من زهرة اللافندر التي تفوح منها رائحة لا تخطئها الأنف, لكنه

      عطر حزين.


      وصلت إلى منتصف الطريق..مازالت منشغلة الذهن.


      تذكرت حين كانت مراهقة أشترى لها والدها طاقماً شتوياً..سويت شيرت سماوي

      اللون مطبوع في منتصفة قلباً أبيض مكتوب بداخلة كلمات لا تذكرها باللون البنفسجي و إسترتش مطبوع بنفس الشكل و الألوان. ارتدته للمرة الأولى في أول يوم من امتحانات نصف العام.. في نهاية اليوم أعلنت إدارة المدرسة قرار منع ارتداء ملابس غير تلك التي يرتديها الطلاب كل يوم.


      عليكم الالتزام- باليونى فورم- المدرسي"..قالت مديرة المدرسة في المايكروفون. صوتها كان حازماً".


      ربما اتخذت الإدارة قرارها بسبب ملابسها الضيقة. لو علم زملاءها سيبرحونها ضرباً, فالامتحانات كانت دائماً بالنسبة إليهم استعراض للملابس.كم ضاقت بتلك الملابس التي ترتديها كل صباح..قميصاً أبيض و بذلة رمادية. كم تمنت أن تعيش في أمريكا فقط لأنها كانت تشاهد في الأفلام أن الطلاب يذهبون إلى المدرسة دون ذلك –اليونى فورم- اللعين وكأنهم ذاهبون للتنزه.


      وصلت لمقر عملها..تماماً في موعدها. نظرت تلقائياً في المرآة الصغيرة الموجودة دائماً في تبلوه سيارتها. رسمت ابتسامة أعتادتها العيون, ثم نزلت

8.2.12

لن أصمت بعد الآن

لم يكن يوم الأربعاء الدامي سكين غرزت في قلوب مشجعي النادي الأهلي وفقط, و لا سبباً جديداً لثورة الثوار المرابطين في ميادين الوطن وإنما جرحاً غائراً في قلوب الشعب المصري. لن يجد هذه المرة غالبية المواطنين والمنتمين لحزب الكنبة- و أنا منهم- مبرراً يطفئ نار ثورتهم ضد المجلس العسكري و الحكومة. لم يتساءلوا لماذا ذهب هؤلاء الصبية لماتش الكورة؟ ولكنهم صرخوا من أعماق نفوسهم ماذا فعلوا ليقتلوا غدراً من أجل ماتش كورة؟ فكل الشباب و الصبيه الذين سافروا للمدينة الباسلة بورسعيد ذهبوا لتشجيع ناديهم و هم يرتدون وشاح الروح الرياضية. كانوا يريدون فقط أن يستمتعوا باللعبة الحلوة, فعادوا لذوبهم جثثً متشحة بالأكفان.

كنت ضمن المواطنين الصامتين الذين صبروا كثيراً على أخطاء المجلس العسكري و تغاضوا عن ممارسات تبدو أحياناً غبية وأحياناً أخرى غير منطقية وغير مسئولة. كنت من ضمن من أرادوا تسليم السلطة بشكل سلمى و تدريجي في الموعد الذي حدده المجلس العسكري حتى يستقر الوطن و يرتاح كل من مات فداءً للثورة.

ماذا سنقول إذاً؟ و كيف لنا أن نصبر بعد مجزرة بورسعيد و قد تخاذل المسئولون عن تأمين ماتش جماهيري كبير رغم وجود سوابق أعمال شغب في ماتشات سابقة ؟ كيف نسكت على عملية قتل جماعي منظم لمواطنين مصريين أبرياء و قد زهقت أرواحهم بدمٍ بارد في حضور ضباط الشرطة وكأنهم يشرفون عليها؟ و أتسائل هل فكر المسئولين عن أمن المباراة أن ربما يكون أحد المتوفين أو المصابين في عمر أبنه؟ لا أظن أننا سنصبرعدة أشهر حتى يتم المراد و لا أعتقد أن هناك من يحتمل وجود المجلس العسكري و حكومته في السلطة بعد الآن.

لقد أساء المجلس العسكري إدارة مصر, صار يقتل شبابها و يترك فلولها. يحدثنا عن المؤامرات و الأيد الخفية التي تعبث بمقادير البلاد و لم يكشفها لنا أبداً. لم يقدم لنا نتائج تحقيقات و اكتفى بإذاعة الخطابات. فكيف ننتظر حتى يسلموا السلطة للرئيس المنتخب بعد شهوراً طويلة و نحن على ثقة أن ضحيا جدد من أبنائنا سيسقطون؟

بأعلى صوت لدى أطالب المجلس العسكري بأن يستمع لصوت ملاين الناس, لنداء الأمهات الثكالى و الآباء المنكوبين, أرجوكم أنصتوا لآهات ألاف الشباب المصابين. بالله عليكم قدموا موعد الترشح لمنصب رئيس الجمهورية و أسرعوا لإتمامها بنزاهة و شفافية. أنقذوا الوطن من الفتن و المجازر. وتذكروا أن بتسليم السلطة سلمياً ستكتب أسماءكم في صفحات كتب التاريخ بحروف من نور بدلاً من الحبر الأسود.

نُشر هذا المقال بجريدة البديل فى السابع من فبراير 2012
http://tinyurl.com/87s6a89