Pages

21.5.13

طاقية الإخفاء- جريدة المواطن


كُل اللي يعجبك و البس اللي يعجب الناس" مثال مصري أصيل مازال بعضنا يؤمن به بشكل مبالغ فيه حتى صاروا يتخفون خلف أفكارهم و انتماءاتهم.

عزيزي المواطن، كم مرة فتحت صفحتك على موقع من مواقع التواصل الاجتماعي، فليكن الفيسبوك،  فوجدت طلب إضافة من شخص لم يكتب شيء ليعرف به نفسه، بل و استخدم صورة منظر طبيعي أو شخص مشهور، و اسم مستعار؟ 

الاسم بالنسبة لي هو المؤشر الأكثر وضوحًا، فبعضهم يستخدم اسماء تعبر عن انتماء ديني مثل "أسد الله" أو "اتمنى الفردوس الأعلى" أو اسم يعبر عن الانتماء الجغرافي مثل "بنت الجنوب" و ربما اسم يعبر عن عمل  - عادة يكون غير أخلاقي- كوسيلة دعاية و ترغيب ، حتى الأمل كان له نصيب "أحلامنا في إدينا". الجديد بالنسبة لي أن يسمي أشخاص أنفسهم بانتمائهم السياسي مثل " مبارك أسطورة" في إشارة لكونه يعتقد أن الرئيس المخلوع كان بطلًا لن يتكرر أو "كلنا حسنى مبارك" أو "إخوانية وأفتخر" و هكذا.
من جهة، يخاف بعضنا الجهر بأفكاره لأننا تعلمنا منذ الصغر أن ندافع عن ما لا نؤمن به حقًا كي نرضي أهلنا أولًا، ثم يتطور الأمر لمحاولة إرضاء المجتمع. ربما يكون السبب هو محاولة الأبوين الدائمة تحقيق أحلامهم التي فشلوا أن يجعلوها واقعًا في أبنائهم، و هكذا تحولت الآمال إلى ميراث نجبر أبناءنا عليه دون أن يكون لهم حق الاعتراض و إن فعلوا نعتبره عقوق و قلة أدب.

 من جهة أخرى، أصبح بعضنا يتعامل مع مبادئه و أراءه على أنها دين يجب الدعوة له و اتهام من لا ينتمي له بالكفر دون أن نفكر للحظة أن ناموس الحياة قائم أساسًا على فكرة الاختلاف. بدء من اختلاف النوع، العرق، اللغة و الدين حتى الاختلاف في الرأي و الأفكار.

أتذكر مجموعة اسمها "الفيسبوك يعنى اسمك و صورتك الحقيقيين" أنشئها الفنان و الشاعر خالد الصاوي، لمحاربة هؤلاء المتلصصين.

حقيقة ما زلت لا أفهم منطق من يتوارون خلف أفكارهم، كيف ينتظرون أن يقبل شخص صداقة من لم يكلف نفسه عناء كتابة كلمة عنه و فضل أن يرتدي طاقية الإخفاء حتى لا يراه أحد، بينما يمارس هو فعل قراءة "الاستاتيوس" و يتمكن من التعليق عليها دون أدنى مشكلة، كصياد ينتظر أن يوقع فريسته.

16.5.13

بين التجرد و التمرد أمور متشابهات- جريدة المواطن

 صار عادياً ان تفكر كل ليلة قبل النوم في الجديد الذى ستقرأه في صحف الصباح بينما تشرب فنجان قهوتك المرة. "تمرد" حملة جديدة لجمع توقيعات سحب الثقة من د. محمد مرسى و من ثم تعقد انتخابات رئاسية مبكرة. ثم يبدأ يومك الجديد ب"تجرد" الحملة التي أعدت لمواجهة الحملة السابقة و الموقعين هم المؤيدين لاستمرار حكم د. مرسى.

ستجد نفسك حائراً بين "التمرد" و "التجرد" لأن بينهما أمور متشابهات.

فأنت ضد الإخوان, تكره ممارساتهم و سياساتهم . لكنك تعلم في قرارة نفسك أن لا يوجد بين رجال المعارضة بجبهاتها و أحزابها من يستحق أن يكون رئيساً لمصر. ربما سبق و أن أمنت يوماً بأحدهم و أعطيته صوتك في الانتخابات الرئيسة, و مكثت ليلة فرز الأصوات بعيون جاحظة أمام شاشة حاسوبك تلعن حاجة الناس التي أرغمتهم على بيع أصواتهم لمرشح ينتمى "للفلول" وأخر من جماعة أعلنت أنها لن تخوض الانتخابات الرئاسية فإذا بهم يدفعون بأثنين و يقال أن الثالث كان موجوداً لتفتيت الأصوات. لكن الرجال مواقف و الحياة وجهة نظر, و ها قد كشفت لك الأيام أن مرشحك شخص مدعى أفاق, ذائب في هوى الكرسي, لا شغفاً بمصر.

هل ستتجرد من أفكارك السابقة و تستبقى الرئيس الحالي لأنه أول رئيس مدنى منتخب, أو لأنه أول رئيس حافظ القرآن, الرجل الذى يعشق فن الخطابة و لا يعرف غير أسلوب المراوغة في الرد على الأسئلة. و أن عليك كفرد من جموع الشعب الذى ثار مطالبا بالديمقراطية الالتزام بممارستها في إطارها السليم فلا يحق لك التفكير في سحب الثقة قبل أن يتم مدته.
لكن الحيرة ستستبد بك حين تقرأ أن مؤسسي حركة "تمرد" أعطوا أصواتهم لمرشح الإخوان كي لا يفوز مرشح النظام السابق. أي أنهم من فئة "عاصري الليمون" الذين ضللوك وصوروا لك أن المعارضة في حالة فوز د. مرسى ستكون أقوى بحيث تفرض رأى الشعب على السلطة. فإذا بهم يستخدمون "الكارت" الأخير في المعارضة بعد عشرة أشهر فقط من تولى د. مرسى الحكم.

ستبتسم و أنت تقرأ عن أصحاب حركة " تجرد" لأنهم يستخدمون ذات الأسلوب دون تجديد أو تطوير, تماماً مثل "الحزب الوطني" الذى غير شعاره ل"فكر جديد" و استمر على نفس النهج. فالمنتمين لتيار الإسلام السياسي تجمد فكرهم عند نظرية "العدد" المؤيد للرئيس ربما "يتخشى" منهم " الثوار المتمردون". ستضحك من قلبك حين تلمع في ذهنك معلومة درستها و أنت في "الحضانة" أن المظاهرات و الحركات مخصصة للثوار و ليس العكس.

ربما ستمكث كثيراً و أنت تنتظر ظهور "مهدى" مصر ليخلصها من ورطتها و ينتشلها من كبوتها. و قبل أن تخرج من دوامة حيرتك ستتذكر كلمات قالها صديقك المولع بالكوميديا السوداء "كتلوج الثورة ضاع".

13.5.13

مجدوا الحرية


حتماً ستصيبك الدهشة حين تقرأ كلمات بعض المنتمين للوسط الثقافي المصري التي كتبوها على مواقع التواصل الاجتماعي منذ إعلان اسم وزير الثقافة المصرية الجديد د. علاء عبد العزيز.  خاصة بعدما خرج علينا رئيس أكاديمية الفنون بتصريح عن فيديو إباحي تم تصويره للوزير متورطاً مع إحدى الفتيات قال أنها طالبة في الأكاديمية ,صار السادة المثقفون يتهامسون أن الوزير يمارس تصرفات غير أخلاقية,  و لأن هذا الموضوع جاء على هواهم لم يخرج علينا أحد ليقول "أنها حرية شخصية" حتى و إن كان يفعل ذلك مع طالبة مادامت لم تشتكيه و لم يبتزها هو. معظمهم لا يناقش اسباب موضوعية بقدر الهجوم لرفضه.

الغريب أنهم أول من يصفقون لمن تخلع الحجاب و يدعمونها لأن ذلك حرية شخصية بل و ينشرون سخريتهم  السمجة من المنتقبات بشكل يثير الاستفزاز حتى من لا يؤمنون به.

نعم أنا مؤمنة أن الحجاب حرية شخصية و أن خلعه حرية شخصية.

نعم, أنا ضد أخونة الثقافة المصرية.

نعم, أنا ضد تعيين  د. علاء عبد عزيز وزيراً للثقافة و أراه غير جدير بهذا المنصب لكنى لم أشهر به و لن أستخدم حياته الخاصة سكيناً لذبحه. فبالنسبة لي وزير الثقافة في أي دولة لا بد أن يكون له دور فعال في الحراك الثقافي, لابد أن يساهم بكتاب ,ندوة, فكرة أو حتى موقف. و هي مؤهلات ليست موجودة عند د. علاء. كما أرفض عدم انضباطه في عمله كأستاذ جامعي و باحث أكاديمي و هي بالنسبة لي مؤشر خطير يمكن من خلاله قياس قدرته على إنجاح المنظومة الثقافية المصرية. 

عزيزي "المثقف "المستنير" غريب ان تدافع عن افكار انت لا تؤمن بها حقاً. فاقد الشيء لا يعطيه, والحرية أقدس من أن تستخدمها كوسيلة ضغط على البشر.


مجدوا الحرية.

المجد إذاً للربيع




أعرف أنى في كل فصل من فصول العام أكون امرأة غير تلك التي عرفتها و أنك في
 ليالٍ كثيرة أتهمتنى بينك و بين نفسك بالجنون....أبشر يا حبيبى, هكذا تكون نساء الجوزاء.
الخريف..تسقط فيه أوراق شجر..وفيه أصاب بحالة بسوء مزاج ,تتملكني روح الكآبة و كأنني أمارس تمارين الحزن قبل قدوم الشتاء 
يزعجني الشتاء..أتقوقع فيه على ذاتي و تتلبد سماء روحي بالغيوم..يمطر قلبي أحزانا و تعصف أعاصير مشاعري. أحبه أحياناً.. عندما يشاركني البكاء و تسقط الأمطار..أحب رائحة المطر حين تمتزج بالتراب..أعشق اللحظات التي أمضيها و أنا أركض حافية القدمين بينما صوت الرعد يعلن عن هطول المزيد من الماء.
في الربيع..تتفتح زهور قلبي وتنقشع الغيوم عن روحي. أظننى كنت في السابق زهرة.. ياسمينة أو سوسنة.. ربما. فيه أكون أنا...فالمجد إذاً للربيع 
الصيف..أحبه فقط حين ألقى في البحر جسدي المثقل بالأحزان...أغسل فيه أحزانى.
لماذا ألمح في عينيك نظرة عتاب حين تسألني عن سبب تأخري عن لقاءنا و يكون ردى "كنت أغسل أحزانى"؟ هل تظن أنك مصدرها؟ وأنك مقصد كلامي. لست وحدك يا حبيبي فالعالم ملئ بالحماقات المحزنة. أتألم حين أرى نظرتك تلك..عتابك يؤلمني
أتدرى.. أحتمي بحبك من القهر الذي يمزق إحساسي, و أرغب دائماً في أن أختبئ من العالم في حضنك..تحت مسام جلدك. وكم تمنيت أن أتسرب إلى داخل شرايينك..فأكون هناك عند أكثر الأماكن دفئاً..داخل خلايا قلبك.

9.5.13

مقطع من رواية "عطرشاه" تصدر قريباً


كلما سالت دماء على مذبح الوطن, أتذكر طفولتي, كنت أمضي إجازة نصف العام في بيت جدي, ألعب مع صديقاتي في مدخل العمارة.
ذهبت مع إحداهن لبيتها كي تدخل دورة المياة، شاهدت امرأة عجوزًا جالسة في الصالة، معها ورقة مقصوصة على هيئة إنسان, رأس و أربع أطراف، العجوز تسخِّن طرف الدبوس على “بابور الجاز” الموجود أمامها, ثم تخرم بها الورقة بينما تتمتم بكلمات لم أتبينها, و حين انتهت أحرقت العروس الورق.
لما خرجنا أنا و صديقتي إلى حيث كنا نلعب, سألتها
“- هل هذه العجوز قريبتكم, لقد رأيتها تفعل أشياء غريبة؟
- أنها طقوس لتخرج “الصوّل” من بيتنا،
- الصوّل, من هو الصوّل؟
- أعني الجن الساكن بيتنا, تقول العجوز أنها امرأة ماتت مقتولة منذ سنوات، ثم أكملت، نحن نعيش معهم هناك الصوّل أبيض و أخر أسود. الأبيض طيب لكن الأسود شرير يؤذي الناس”.
 لم أنم تلك الليلة من شدة الخوف, دسست رأسي في صدر أمي، ليلتها تهيأ لي أن ثمة حركة في صالة الشقة, ظللت أتمتم بأية الكرسي كما علمني أبى كي لا يؤذيني الصوّل.
لابد أن الوطن به الملايين من هذه الكائنات اللامرئية, في وطني صار عاديًا موت الأبرياء، كل يوم، بالمئات على الطرق, على قضبان السكة حديد, وفي المستشفيات من الإهمال، و الجديد اصطياد الشباب كما الطيور في المظاهرات.
في بلادي صار الحزن على الموتى عادة يومية, مصر تتدثر في فستان الحداد ، و ما أن تخلعه حتى ترتديه من جديد. ثلاثة ألوان على العلم هي اختصار لقصة وطن.
 دماء الشهداء, ثورتنا البيضاء و ثياب ما عاد السواد يحتملها.