Pages

18.9.12

الرجل الذي





الرجل الذي يجلس الآن على أريكته المريحة يقلب القنوات التليفزيونية الإخبارية. بينما يجلس كثيرون على أريكتهم كالجمر الملتهب. ترتسم على وجهه ابتسامة ساخرة كلما سمع خبراً انتظره شهوراً. و تزداد كل ثانية عدد الوجوه الغاضبة. يرتشف من كأس النبيذ بنشوة. وفي الجانب الأخر, استنشق البرئ أخر نفس له من الدخان الأسود المتصاعد. ضحك بخلاعة أثناء كتابة رسالة تهنئة لشركائه. حين شقّت صرخة شاب صدور الناس عندما أصيب برصاصة فتناثر دمه الفائر على الإسفلت. الرجل الذي تقيأ الحقد الجاثم على صدره, و أوقد به صدور الملاين, ارتاح و تعبوا.

13.9.12

عقد احتراف- جريدة البديل


منذ عدة سنوات كنت أدرس بالجامعة الأمريكية لنيل شهادة الماجستير في علم الاجتماع و كنت أعمل كمساعد باحث في ذات الجامعة. لكن البروفيسور الأمريكي الذي بدا لي محايداً و محترفاً من خلال المراسلات التي تمت بيننا قبل وصوله لمصر, تبدل بعد لقاءنا الأول و صار يتهرب من المواعيد التي حددنا لها جدول مسبقاً, حتى الاتصالات الهاتفية لم يكن يرد عليها و في النهاية كتب تقريرا غير عادل عنى, كل ذلك لأني أرتدي الحجاب. تمنيت وقتها لو أعطاني فرصة واحدة لأظهر له أنى لست متخلفة و لا همجية و لا إرهابية كما يظن.
كلنا يهمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم, و كلنا نسعى للحفاظ على سيرته. لكننا لم نفكر يوماً كيف سنجعله يتباهى بنا يوم القيامة. فتزامن ذكرى الحادي عشر من سبتمبر مع انتشار خبر الفيلم المسيء للرسول عليه الصلاة و السلام, يجعلنا كمسلمين نشعر بالظلم. فلا نحن قمنا بتلك العملية الإرهابية و لا نبينا يستحق الإهانة.
عزيزي المسلم المتظاهر للدفاع عن نبيك, مبروك عليك عقد احتراف التخلف و الهمجية. للأسف تلك هي المعلومة التي بثتها وسائل الإعلام الغربية لنبدو كالحمقى أمام العالم, و السبب نحن.  ففي الوقت الذي أنشغل بعض علمائنا عن الدعوة بلباس المرأة و حواجبها, و أنشغل بعض رجالنا عن العلم بتعدد الزوجات و ملك اليمين. كان الغرب يركض من دون كلل خلف ركب العلم و المعرفة.  
فيلم تافه و ضعيف أنتجه بعض السفهاء المتطرفين, يجعلك تفكر كيف ترد الاعتبار لنبيك و هذا حق. لكن كيف؟ تحرق و تقتل و تذم أهل الكتاب ؟ أم تفكر ألف مره قبل أن تتصرف بانفعال؟ هل فكر أحد أن المجتمعات الغربية تتمتع بحرية التعبير حتى أنهم ينتجون أفلاماً مسيئة عن السيد المسيح و العذراء مريم؟ رغم أنى ضد هذا النوع من الأفلام لأنها ضد الحرية و مفهومها الحقيقي, لكن علينا فهم ثقافتهم و محاربة الفكر بالفكر و التصدي لهذا النوع من التطرف بالتمسك بأخلاق الرسول الكريم.
عزيزي المسلم حين حملك الغرب المسلمين مسؤولية حوادث إرهابية عدة أهمها "الحادي عشر من سبتمبر" شعرت بالإهانة و الظلم؟ لكن بعضنا بدأ يستخدم نفس الأسلوب حين ظلم المسيحيين و اليهود بكتابة عبارات غير لائقة على جدران السفارة الأمريكية بالقاهرة. أبشر كل من فعل ذلك أنه يساهم في أنجح المخطط المرسوم بعناية لتفكيك الوطن و تقسيمه و المتمثل في دعوات بعض المسيحيين في الاستقلال بجزء من مصر و التي يقابلها رغبة بعض المسلمين في إعادة مصر لعصر الخلافة الإسلامية.
أما حادثة طرابلس فهي أبشع من أن توصف و ستظل سبة على جبين العرب و المسلمين, لعن الله فاعلها و المحرض عليها.  
وبدلاً من الدفاع عن رسول الله بالتظاهر الغير سلمى الذي صار عند البعض "خروجة روشة", فكروا كيف ننهض بالوطن, كيف يكون بيننا رجال دين, علماء, أدباء, و فنانين يدعون بشكل حضاري لسماحة الإسلام و يمثلون العرب أحسن تمثيل. و لا تردوا الإساءة بمثلها و تذكروا أن حبيبكم"عليه أفضل الصلاة و السلام" زار جاره اليهودي الذي كان يضع القاذورات أمام بيته حين كان مريضاً.