Pages

27.12.12

نضال زائف- مجلة الدانة القطرية


تغريدة مثيرة للريبة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي للشيخ السلفي وجدى غنيم- الذي أختلف معه جملة و تفصيلاً- دفعتني للبحث بكل الطرق عن مدى صحتها, اكتشفت أنها من حساب مزيف على موقع تويتر. تذكرت على الفور الصور التي تناقلها البعض قبيل الانتخابات الرئاسية لسلمى ابنة المرشح الرئاسي حمدين الصباحي. نفس الأسلوب و الفاعل بالطبع ليس واحدا.

النضال الإلكتروني الذي أنتشر قبل الربيع العربي على مواقع الإنترنت أثبت جدارة و قدرة هائلة على التنظيم. لكنه و للعجب تحول عند البعض لحرب قذرة من خلال نشر مقولات غير حقيقية على لسان المشاهير من التيارات المختلفة.

من جهة, يسعى عدد من المنتسبين للتيارات الليبرالية تداول "تغريدات" مزيفة لرجال الدين لإثبات أن الإسلاميين يعانون هوس جنسي و ديني. و أنهم غير قادرين على مواكبة العصر الحديث فكرياً و ثقافياً. ومن جهة أخرى, يتداول بنفس المنطق بعض المستخدمين الإسلاميين صور و تصريحات منسوبة للشخصيات عامة من أجل إثبات جموحهم و بعدهم عن الدين و الأخلاق. لاحظت أن معظم من ينشروا هذه المواد لا يلتفتون للتعليقات التي تنبههم لخطورة هذه الأفعال على المجتمع بل ويعتبرون هذه التعليقات غير موجودة من الأساس أو ينسبونها للجان الإلكترونية.

لماذا لا يفكر هؤلاء في أن يمضوا دقائق في البحث و التحري قبل نشر صور مصحوبة بتعليق يثير الغضب أو الضحك على نطاق واسع؟  فسوء النية ساهم بقدر كبير في خلق عداوة مزيفة بين التيارات الفكرية و السياسية المختلفة. أى نضال هذا المبنى على الكذب و التدليس, و أي معارضة تلك المبنية على التشويه,  أنه أسلوب يفتقر إلى مبادئ الديمقراطية و العدل.

الحياة تتسع لكل الأفكار والأفعال فقد لو نحينا الزيف من حياتنا.

28.11.12

أصل الحكاية- جريدة صدى مصر


أعلم أن معظم أصدقائي لا يفهمون إلى أي جانب أنتمي, هل أنا مؤيدة للإعلان الدستوري أم ضده؟ هل أنا مع ثوار ميدان التحرير, أم مع قصر الإتحادية؟

سألخص لكم الحكاية


منذ البداية كنت ضد ترشح أي شخص من الأخوان, و اجتهدت كثيراً في كتابة جمل ساخرة من د. مرسى. انتخبت حمدين صباحي و أبطلت صوتي في جولة الإعادة لأنني لم أغرب في أن يعيد نظام مبارك أنتاج نفسه من خلال "شفيق" أو أن ينجح "مرسى" عضو جماعة لا أثق بها. لكنى وللأمانة فرحت أنه فاز على شفيق.


كنت أتابع المعارضين للدكتور مرسى عن كثب سواء على مواقع التواصل الإجتماعى أو كتاب الصحف, بعضهم كان يعارض لمجرد المعارضة, بعضهم كتب كلاماً لا يلق و لا يندرج تحت مبادئ الديمقراطية و الحرية و بالطبع هناك فئة كتبت بضمير يقظ, أكن لها كل الأحترام.


صدمت بما أعلنه خيرت الشاطر أن مشروع النهضة مجرد فكرة و أن الإعلاميين "فهموا الموضوع غلط", الرجل الذي نسى أن "ذاكرة الإنترنت" لا تشيخ و يمكننا جميعاً مشاهدة مقابلات أعضاء حزب الحرية و العدالة أثناء حديثهم عن مشروع النهضة العظيم الذي ساهم فيه "ألاف" العلماء و المتخصصين.


أعجبني موقف الرئيس في أثناء قصف غزة, و رأيته موقف بطولي من شخص يريد أن يعيد لمصر مكانتها بين الدول العربية. و لم يعجبني ما حدث في أسيوط و توقعت أن يذهب وفد رسمي لمواساة أسر الأطفال.


حين خرج علينا ياسر على بالإعلان الدستوري سعدت, خاصة فيما يخص إعادة المحاكمات و إقالة النائب العام و هي مطالب ثورية لا جدال عليها. فكرت أن أرفض مع الرافضين الإعلان في مجمله لأنه يكرس للدكتاتورية, لكن في قرارة نفسي أعلم علم اليقين أن القرار "سياسي ثوري" لا يدخل ضمن القرارات القانونية. فأنا مثل الملايين أرغب في أن لا تظل مصر تدور في حلقة مفرغة, أريد أن نخطو للأمام و أن لا نرجع بعدها عشر خطوات للخلف. أريد أن تنتهي المرحلة الإنتقالية و أن يكون لدينا دولة مؤسسات يعول عليها.


لكن لا يعجبني ما يحدث الآن في ميادين مصر, لا يعجبني السحل و القتل. لا يرضيني أن يخرج الرئيس ليخطب في مؤيديه و يتعامل مع المعارضين كأنهم غير مصريين.


لم يعجبني ذهاب السيدة حرم الرئيس لتقديم واجب العزاء في الشهيد إسلام لأنه من أعضاء حزب الحرية و العدالة و انصرافها عن دعم أسرة الشهيد جابر -بعض المواقع تداولت خبر في متنه رفض أسرة جابر استقبالها- لكنى لست متأكدة من صحته.


لم يعجبني صمت الرئاسة عن ما يحدث و تجاهل مطالب فئة من الشعب. فمن السهل جداً تعديل نص المادة الثانية الخاصة بقرارات الرئيس حتى لا يشعر الشعب أن الرئيس المنتخب يحاول فرض وصايته عليهم. 


باختصار, أنا أدعم قرارات الرئيس الثورية لكنى أطالب تعديل البنود التي تكرس "للدكتاتورية"و أريد رئيس لكل المصريين.


ملحوظة: بعض الشخصيات السياسية الموجودة في ميدان التحرير الآن "عينها على الكرسي" كنت أحسبهم "ثوار أحرار" و ليسوا طالبي "سلطة و جاه", تباً.

26.11.12

عبث- موقع حقوق


أنباء تتواتر منذ أمس عن حملة اعتقالات لشخصيات عامة تذكرنا بعصر السادات. وتصريحات عن مخاوف من بدء الجماعات التكفيرية لسلسلة من الاغتيالات لرموز فكرية وسياسية تعيدنا لمشهد قتل فرج فودة, أراها تهديداً واضحاً من قبل الجماعة للمصريين وكأنهم يرددون مقولة الرئيس المخلوع "إما أنا أو الفوضى". إعلان دستوري يشبه كثيراً المادة 191 بدستور1956, قلب الموازين وأثر على قوى الشعب العقلية فأصبح ينعت بعضه البعض ب"الخائن".
مظاهرات جمعت الثوار الأحرار بالفلول لأن هدفهم صار واحداً الآن. ورئيس دكتاتور, وفي قول آخر "حامى حمى الثورة"، جاء بالانتخاب كأول رئيس مدني لمصر لكنه يواجه شبح استغلال فقر المجتمع وجهله, علاوة على برنامج "النهضة" الذي اكتشفنا أنه مجرد "فنكوش". خطاب عاطفي مضمونه أن مصر مازالت تسير على نهج ثورتها المبهرة, بالتزامن مع عملية سحل وقبض على المتظاهرين في القصر العيني.
حرق و تدمير لمقار الحزب الحاكم "الحرية والعدالة" مشهد مكرر يذكرنا بحريق مقار الحزب الوطني أثناء ثورة يناير, دون أن يواجه هؤلاء أي لوم من القوى السياسية التي تنادى بسلمية المظاهرات المنددة بقرارات د. مرسى.
قضاة يقفون مع "النائم العام" ورئيس نادى القضاة رغم فسادهم المعروف لدى الجميع, لأنهم ضد تدخل الرئيس في شئون القضاء. ودستور يكتب بيد من حديد بعد سلسلة الانسحابات المتتالية من قبل القوى السياسية. دعاة فتنه يرددون دون كلل "البلد بلدنا واللي مش عاجبه يمشى" لأنهم يريدونها "إسلامية".

و السؤال الآن هل نحن على أعتاب ثورة جديدة ضد الإخوان والتيار الإسلامي المتشدد؟ هل يريد الثوار عزل الرئيس المنتخب؟ و إذا تم إسقاط النظام للمرة الثانية, هل سنكون تعلمنا من المرة السابقة أم سنعيد ذات الأخطاء؟
خلاصة القول الوطن في أزمة والرؤية ضبابية تكاد تكون سوداوية.
أي عبث هذا؟

19.11.12

مصر تنزف- موقع صدى مصر


للمرة الأولى تكاد الحيرة تقتل رغبتي في الكتابة, عن ماذا سأكتب اليوم مقالي؟ 

هل أكتب عن شعب يمارس الشيزوفرنيا بأقسى صورها حين يصرخ حزناً في الصباح,  ثم يصرخ فرحاً في المساء؟ هل أكتب عن أطفال أراد أهليهم أن يتعلموا فدفعوا الثمن غالياً بأن تحولت زهورهم لأشلاء؟ و أن أمومتي مارست سطوتها على و أنا أكاد أشعر بنساء يهز أنينهم الفضاء و لا أحد يستجيب؟


ربما على أن أدافع عن قطاع من الشعب المصري رغب بشدة في تذوق طعم الفرحة بعد توالى المصائب عليه, حتى و إن كانت فرحته تلك مموزجة بطعم المر. فخرج و أحتفل في الشوارع بعد فوز فريق النادي الأهلي على الترجي التونسي و تأهله لكأس العالم للأندية. 


فكرت كذلك أن أكتب عن حرب غير شريفة دائرة بين الإسلاميين و اللبراليين -دون أثر لوجود طرف ثالث- على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال انتشار حسابات وهمية, يكُتب خلالها ما يشعل الصدور و يثير القلق,  و يتداولها المستخدمين من دون محاولة جادة للتحقيق و التدقيق من باب التشفي أو لإظهار الطرف الثاني بشكل غير مقبول لكسب تعاطف أكبر عدد ممكن من البشر.


أم أكتب عن حزني لما وصل إليه الشيخ وجدي غنيم الداعية الذي أبكانى و كنت دون العاشرة حين سمعته يتحدث عن وفاة الرسول عليه الصلاة و السلام, لأنه صار يستخدم ألفاظاً أكثر بذاءة من تلك التي يستخدمها العربجى في الحديث عن من يختلفون معه أيدلوجياً وكأنه لم يسمع عن حديث سيد الخلق "المسلم من سلم الناس من يده و لسانه". 


دستور مصر الثورة أيضاً أحد الأمور التي تثير في نفسي القلق, من ناحية انسحابات القوى السياسية المتتالية مما يثمر عن سيطرة لتيار بعينه على صياغة الدستور, بينما يثير المتأسلمين ضجة إعلامية فارغة أن من انسحبوا كانوا ضد تطبيق الشريعة الإسلامية في مصر.  من ناحية أخرى, أخشى أن يعيد التاريخ نفسه في الاستفتاء على مواد الدستور الجديد, فنسمع عن غزوة أخرى للصناديق أو يتم استغلال فقر قطاع من الشعب.


خلاصة القول, قلب الوطن ينزف و الناس تصرخ و لا من مجيب.

17.11.12

فصل من رواية غرف حنين


الغرفة الأولى
        انطلقتْ فجأة، وبسرعةٍ هائلة خارج الغرفة، بعدما وقعت عيناها على جسدها وقد أصبح كقطعة ثلج، ظلَّت تتحرّك في الغرفة بهستيرية... تنظر إلى كل شبرٍ فيها، أصابتها حالة من الخوف الرّهيب... هي تسمع وترى كلّ شيء حتّى جسدها، رأت الملتفِّين حولها.
     كان طريقها طويلًا، نفق أنبوبي مظلم... في آخره تمامًا يكمُن النّور، ذلك الذي يتخلّل لونه الناصع البياض خيوطًا شعاعية ذهبية، ضوء بللّوري لا يشبه أيًّا ممّا رأتهُ في حياتها.
هنا في ذلك المكان الجديد الذي وصلت إليه، يتعارفون دون كلام... دون إشارة، هنا يقرؤون الأفكار.
يا لها من حياةٍ سهلة وصعبة!... "ماذا لو فكّرتُ في شيء أريده أن يبقى سرًّا؟" قالت لنفسها. التقت بأناس تعرفهم جيدًا... تبادلوا التّحية،وسألوها متى انتقلت إلى هذا المكان؟... ما كادت تحكي لهم حتّى فاجأها صوت عميق بأنّ عليها العودة الآن إلى حيث كانت... فهي لا تنتمي لهذا المكان.
لم تستغرب عودتها لغرفتها وحيدة دون رفيق، لقد عاد كلّ شيءٍ كما كان.
  آخر شيء كانت قد أحسّت به قبل أن تصل إلى المستشفى، هو انفجار نبعٍ من السّائل الأحمر السّاخن اللزج... التفَّ حولها عدد من الأطباء والممرضات... الجميع في حالة هلع يحاولون إفاقتها، مشغولين بإيصالها بالأجهزة.
 سمعت أحدهم يقول:" إنّها لا تستجيب"، فأمره آخر:" بأن يحاول إنعاش قلبها من جديد".
"لا بدّ أنّي أحلم..." قالت لنفسها، لكنها انطلقت فجأة لعوالم أخرى.
 لم تكن سرعتها فائقة، لذا بدا على ملامحها الذّهول... صرخت، ثمّ سمحت لسيّارتها بأن تحتضن الشّجرة العتيقة الموجودة على الجانب الأيمن من الطريق.
 فإذا بها تسقط تمامًا على رأسها، ظنًّا منها بأنّ جرعة الحنان ستكون مباشرة وقوية... قال أحد الشهود على الحادثة حنين.
اليوم سيكون هناك شيء مختلف، هو بداية لتغيير تفاصيل حياتي اليوميّة المملّة.
"الحرملك... إذا كنتِ تبحثين عن الجمال، الاستجمام والحرّية نعدك بأكثر من ذلك"
  شعوري بالوحدة لم يخفّفه نزولي اليومي للنّادي لممارسة الرّياضة، أو حتّى المحادثات الليليّة التي اعتدت عليها مع صديقاتي. الملل يلاحقني... حتى بيتي فقد الرّوح، وصار كالبيت المهجور. فكّرت أنّ الخلاص سيتحقّق بلقاء بشر مختلفين، فتعلّمت الكمبيوتر، وبُهِرْت بالانطلاق في فضاء الإنترنت اللّانهائي.
 كانت برامج الدّردشة الصّوتية ومواقعها ملاذي، لكنّي بسنواتي التي تخطّت الأربعين لم أجد من يجاري رغباتي... الغرف مشحونة بالبشر إلى حدّ الانفجار إلّا أنّ معظمهم مراهقون وأطفال، حتّى الكبار منهم طالهم سخف الانحصار في أحاديث جسدية. ازداد شعوري بأنّ شيئًا ما ينقصني.
 خطرت على بالي فكرة المشروع... فاتّخذت قراري ،وأنهيت الإجراءات البيروقراطية السّخيفة، ثمّ أنشأتُ مجموعةً باسم المكان، وحسابًا جديدًا على موقع "الفيس بوك" يحمل اسم "الحرملك".
 قضيت اليوم أشترك في مجموعاتٍ أخرى؛ كي أتمكّن من وضع الرّابط الخاص بمجموعتي بعدما جهّزته بالكثير من "الصور"، و"العنوان"، و"تفاصيل الفكرة". خلال ثلاثة أيام فقط كان عدد المشتركين فيه يقارب المائة عضو، بدأ الجميع في التعبير عن رأيه بالكتابة على حائط المجموعة ما بين مؤيّدٍ ومُعارض، بعضهم رجال لم ترق لهم فكرة أن يكون هناك فندقًا لا يستقبل سِوى النّساء. أمّا بنات حوّاء فلم يخفين إعجابهنّ بالمشروع، وطالبن بتعميمه في أرجاء البلاد ،حتّى يتسنّى لهنّ السّفر بسهولة.
- "ميادة خليل": "من اليوم لن يعترض والدي سفري إلى القاهرة دون رفقة أخي المملّة!... فكرة الحرملك تحفة".
- "أحمد ميدو": "أخشى أن تكون صاحبة المشروع من دعاة الوهّابية ،فمثل هذا المشروع يدل على توجّهاتها!... فهي ضد الاختلاط على ما يبدو!! علينا محاربة هذا المشروع حتّى لا يتوغل كالعنكبوت بمجتمعنا!!!!..."
ثمّ ردّ عدد من أعضاء المجموعة على "أحمد ميدو":
"ندى عادل": "لا أعرف لماذا يقحم البعض الدّين في أمورٍ بعيدة عنه تمامًا؟!... ما المشكلة في أن يكون هناك مكان يستقبل النّساء فقط؟! لماذا لم تنظر لها على أنّ الأمر يتعلق بالعادات والتقاليد، أو بالشّعور بالأمان؟!... أعتقد أنّ الفكرة جيّدة بالفعل."
"ليلى إسحاق": "الفكرة رائعة جدًّا... وأعتقد أنّ "أحمد" لم يكلّف نفسه عناء البحث على الإنترنت... في "روسيا "مثلًا هناك تاكسي للسيّدات فقط... هل تعتقد أنهم وهابيون؟!!!!!"
فردّ "أحمد ميدو" عليهنّ:
"أقطع ذراعي.. إن لم تجدوا هذا المكان أسلوبًا جديدًا لنشر فكر "محمد بن عبد الوهّاب"..عمومًا أنتم أحرار".
كان ما كتبه أحد الأعضاء الجدد فى المجموعة أكثر ما أثار غضبي،حتّى أنّني لم أفكّر في الرّد عليه، واكتفيت بحذف ما كتبه بسرعة قبل أن يقرأه الأعضاء، بل وألغيت عضويّته في المجموعة.
"يوسف إبراهيم": "أريد أن أنبّه الجميع بأنّ هذا المشروع ربّما يكون وكرًا لممارسة "السّحاق"، حيث انتشر مؤخّرًا بصورة كبيرة، ألا تقرأن صفحات الحوادث في الجرائد؟! هذه نصيحتي، فأنا أخشى أن تنخرط بناتنا في هذا الفعل الشّنيع... و"الله" أنا خائف عليكنّ.!!"
قلت في نفسي:"ياله من شخصٍ سافل ووضيع... كيف يتّهمني دون أن يعرفني، فمشروعي معروف والجهات المختصّة على علمٍ به... كيف يجرؤ على اتّهامي هكذا؟ هل صار سوء الظنّ بالأخرين سمة توغلت، واستفحلت في نفوسنا دون أن ندري؟!"
بدأت أتلقى عددًا كبيرًا من طلبات الإضافة، ورسائل تحمل كمًّا هائلًا من الأسئلة، وإن كان معظمها يدور في نفس النّطاق: كم سعر الليلة؟! وكيفية الحجز؟ وأخرى تشجّعني على المشروع من الذين فضّلوا عدم الانخراط في مناقشاتٍ جماعية.
 لم يكن هناك أي قيد للإقامة في "الحرملك" سوى أن تجتمع النزيلات على العشاء كلّ يومٍ إلّا في حالات الضرورة القصوى ،فيمكن التنازل عن هذا الشّرط.
   "الحرملك" فيلا صغيرة في حي "الزّمالك" الرّاقي "بالقاهرة"، بها حديقتان واحدة أمامية وأخرى خلفية، الدّور الأرضي به صالة استقبال كبيرة مقسّمة إلى ثلاثة قطع:
أنتريه حديث بلونٍ أبيض، عليه خداديات متعدّدة الألوان، وإن كانت كلّها تدخل في نطاق الأزرق بدرجاته، بجوار الكرسي الأيمن مِنضدة مستطيلة موضوع عليها ثلاثة بروايز خشبية، واحد فيه صورة "لحنين" وهي ترتدي ثوب العُرْسِ ،يقف خلفها تمامًا عريسها ذو الملامح الهادئة ممسكًا بوسطها، وآخر به صورة لطفلة تشبه "حنين" في ابتسامتها ،وهي تمسك بلعبتها الصّغيرة، وثالث كبير لفتاةٍ مراهقة.
صالون فاخر مصنوع من قماش "الأبويسون الكحلي"، خلفه سفرة كبيرة بلون بني غامق تكفي لاثني عشر فردًا، وغرفة مكتب من جهة اليمين، وعلى الجانب الآخر مطبخ كبير مجهز بكلّ ما هو حديث، وحمّام صغير للضيوف.
في الطابق الأعلى صالة استقبال صغيرة نسبيًّا، بها كرسيان: فوتيه أخضر ومكتبة بها تليفزيون، دش ودي في دي، وأربع غرف نوم وحمّام.
 أردت أن أرى أصنافًا من النّساء وليس بنات طبقة واحدة، لذا قرّرت أن أغيّر وأجدّد في محتويات المكان، فأعددت المكان على هذا الأساس بحيث تكون لكل غرفة من الثلاث سعرًا.
رغم أنّ صديقاتي اتهمنني بالجنون والهبل، وحاولن إبعادي عن تنفيذ الفكرة... لكن هيهات،لن أتراجع أبدًا.
رن جرس الهاتف بعد عدّة أياّم، حين أجبت كانت على الخط سيّدة يبدو من صوتها أنّها شابة، تريد حجز غرفة لمدة أسبوع يبدأ من الغد. في الصّباح انتظرت على أحرّ من الجمر قدوم النّزيلة الأولى التي وصلت في الثّانية عشرة ظهرًا... كم كنت أشعر بالإثارة.
-" أنا سعيدة بكِ جدًّا يا كرمة، أنتِ أول نزيلة عندي لذلك لن أنساك أبدًا، هل تعملين؟ أعتذر عن سؤالي، فبطاقتك تحمل صفة طالبة رغم أنّك مواليد 1981.!"
قالت: "إنّها مشغولة جدًّا حتّى أنّها لم تفكّر في تغيير بطاقتها، وأنّها هنا في مأمورية عمل لمدة أسبوع، حيث تدير الشركة التي ورثتها عن والدها. كانت بشرتها خمرية بجسدٍ ممشوق تمامًا كالتي نقشها الفراعنة على جدران معابدهم.!!
    استأجرت الغرفة الأولى...تلك الغرفة الكبيرة, بها تليفزيون ودش، بالإضافة لإمكانية الاتصال بالإنترنت، ثلّاجة صغيرة وحمّام يشبه في فخامته حمّامات القصور، وسرير كبير يأخذ شكلًا نصف دائري.

12.11.12

مصر بين الحجب و المنع - موقع حقوق


منذ عدة أيام انتشر خبر منع هيئة الأمر بالمعروف بالمملكة العربية السعودية حفل تدشين ديوان الشاعر السعودي زكي الصدير "شهوة الملائكة" بمدينة الدمام، بسبب تحفظهم على الاسم. كتبت يومها على صفحتي بموقع الفيسبوك أنى أخشى أن يحدث هذا في مصر, لم أكن أتخيل أن ما خفت منه ربما يتحقق قريباً.

فقرار النائب العام بحجب المواقع الإباحية في مصر يثير في نفسي المخاوف. فمن ناحية, لا أعتقد أن فرض الوصاية على الشعب هو الحل لجرائم الاغتصاب والتحرش المنتشرة في الشارع المصري الآن, وإمكانية حجبها بنسبة 100% شبه معدومة, علاوة على انتشار قنوات تليفزيونية إباحية. من ناحية أخرى, فإن هذا القرار المؤجل من 2008 يكبد ميزانية الدولة مبالغ طائلة قدرها خبراء الاتصالات بـ120 مليون جنيه، في وقت حرج بالنسبة للدولة. ربما أراد النائب العام الذي يواجه رغبة عامة من الشعب بعزله من منصبة, إرضاء الإسلاميين .

أخشى أن يكون للقرار بُعد أخر, أن يلحق موقع اليوتيوب الحجب- هناك دعوة قضائية بالفعل لحجبه- ثم الفيسبوك وتويتر، أحد أهم ثلاثة مواقع شاركت في الثورة المصرية. ثم قرارات لحجب مواقع ثقافية يرى البعض أنها تنشر أعمالا غير لائقة أو جرائد إلكترونية معارضة للحزب الحاكم. ثم نعود لعهد سابق تم فيه منع كتب سياسية ومؤلفات أدبية. ربما يكون لدى البعض مخطط لحرمان الشعب المصري من هويته بمنع الرياضة, الفنون و الثقافة عنه, بعدما تم تجريفه من الكوادر السياسية والقيادية طوال ثلاثة عقود.

يتوجب على الآن توجيه رسالة مباشرة للسيد الرئيس, أتمنى أن تصل إليه:

"عزيزي د. مرسى.. الشعب المصري لا يريدك أباً لتربيه, نكتفي بثلاثين عاماً كنا ننعت المخلوع فيها "بابا حسنى" و زوجته "ماما سوزان", لقد كبرنا وقمنا بثورة مذهلة. نريدك رئيساً يراعى الله فينا ومعرفة الله ليست بالصلاة أمام الكاميرات ولا بالخطب العاطفية, وانما نحن جموع الشعب من انتخبك، ومن لم يفعل, نريد أن نلمس إنجازاً و نهضة كنت قد وعدتنا بها. تطوير التعليم هو الحل يا سيادة الرئيس وأنا على ثقة أن هذه الخطوة كفيلة بإعادة مصر لريادتها وقوتها. وسترى أن الجيل الجديد لن يكون في حاجة لاستخدام هذه المواقع من الأساس."


9.11.12

المرأة في .. «غرف حنين»


بقلم: شريف صالح
جريدة النهار الكويتية


تهدي نسرين البخشونجي روايتها الأولى «غرف حنين» إلى زوجها، وثلاث مدرسات تركن أثراً فيها، والرواية نفسها تتناول قصص
 أربع سيدات هن: حنين، كرمة، آمال، زينب، ورجل وحيد هو زاكي.


لا يُخفي العنوان، ولا الإهداء، ولا النص نفسه، هذا الانحياز للمرأة، والنبش في مشاعرها وذكرياتها، وما تتعرض له من صدمات وقهر، قد يدفعها للاختباء والهرب والتنكر لوقائع حياتها. من هنا التقطت البطلة «حنين» فكرة استغلال الإنترنت في الإعلان عن «حرملك» وهو بيت ورثته في الزمالك، ليكون سكناً عابراً للنساء فقط، ومن ثم تم تقسيم فصول الرواية التي لا تزيد عن 75 صفحة إلى اثنتي عشرة غرفة. ليس معنى ذلك أن لكل غرفة امرأة وقصة، وربما دلالة العدد فقط تشير إلى شهور العام. فالنص اكتفى بأربعة نماذج متباينة، واقترب من شجنها الخاص دون أن يوجه اللعنات إلى الرجل بالضرورة.



«اجتماع أشخاص في مكان ما وقضاء الوقت في الحكي» اضطراراً واختياراً، إحدى أقدم حيل السرد منذ أيام «الديكاميرون» لبوكاشيو، تعيد البخشونجي الاشتغال عليها، بلغة بسيطة وسلسلة، دون فذلكة ولا ادعاء.



يقترب السرد بحيميمة من عوالم المرأة، في مقابل عالم «زاكي» المغربي الشاذ، الذي اأصبح صديقاً عبر العالم الافتراضي. وثمة حيل أخرى فنتازية تمثل إطاراً للرواية، حيث يبدو في المفتتح أن البطلة «حنين» أصيبت في حادث سيارة، وترقد بين الموت والحياة، في تلك اللحظة الغائمة والعالقة بين وعيين، تبدأ لعبة «الحرملك» وكأنها التقت نماذج حزينة، صارت في العالم الآخر، أو كأنها تارجع شذرات من حياتها، إلى أن تغلق الرواية مرة أخرى بالمشهد الأول. وكأن النص كله، عبارة عن لحظة واحدة وامضة مرت في ذاكرة البطلة قبل أن يتوقف قلبها عن النبض.
ومن أجواء الرواية نقرأ: «يمر الوقت دون أن تدركه «حنين»، آخر ما يربطها بالحياة قناع على وجهها يوصل لرئتيها الأكسجين، وعدة أسلاك، مثبتة بعناية على باقي جسدها موصلة بالأجهزة الطبية التي تغير صوتها فجأة ليصبح رتيباً».

6.11.12

آثام أدم


ليس إثماً أن أتعرى أمام صمتك كاشفة عن وجودي
و ليس أثماً أن ترى وجه الحياة بعيني حين أقبل قدمك بنشوة الصدق 
الإثم أن تقهر الإنسانية بداخلي لأنني أنثى
والإثم أن أبتلع قرص الرياء في حضرتك

*****
ليس إثماً أن تأخذني إلى دروب قوس قزح
و ليس إثماً أن أرتشف جرعات مكثفة من رحيق وجدك
الإثم أن تزهو بفحولة أفكارك بينما تنعتني بناقصة عقل
و الإثم أن ارتدى قناع البريئة العشيقة تاركة عباءة روحي ورائي
* أستخدمت فى هذا النص تيمة قصيدة "ليس إثماً" رائعة طارق الطيب

18.10.12

لهذا أسلم فيلكس | جريدة البداية


لم يكن انتشار خبر إسلام "فيلكس" صاحب أعظم قفزة في تاريخ البشرية صادماً و لا غريباً بالنسبة لي, حتى حين قرأت القصة- المكتوبة من دون إبداع حقيقي- أن الرجل أسلم بعدما رأى نور الكعبة المشرفة و سمع صوت الأذان أثناء قفزته من الفضاء. أنها نفس القصة التي تداولتها من قبل عدة موقع و منتديات إسلامية عن رجل الفضاء الراحل "نيل أرمسترونج".

إسلام "فينكس" لم يكن أغرب من انتشار نبأ إسلام مؤسس الشيوعية العالمية الألماني "كارل ماركس" منذ فترة قصيرة. بل و سمعت أيضاً -على استحياء من الراوي- عن إسلام طبيب مصري شهير و القصص التي يتداولها الناس في محاولة لإثبات صحة ظنهم.

هذا السلوك –إطلاق الشائعات الدينية- ليس موجود عن المسلمين وفقط, بل موجود أيضاً عند بعض المسيحيين. منذ عدة سنوات انتشرت في المنتديات و المواقع المسيحية, صور مذيعة شهيرة داخل أحد الأديرة بصعيد مصر, قيل أن حفيدها مرض بشدة و احتار الأطباء فيه فنصحها شخص بالذهاب لأحد القساوسة الذي تمكن من علاج الصغير. فتحولت المذيعة و ابنتها فوراً للمسيحية. أذكر أن المذيعة ظلت صامته لفترة ثم خرجت للإعلام لتعلن أن الصور ليست مفبركة و أنها ذهبت بالفعل للدير لكن بصحبة أصدقاءها الأجانب و أنها ليس لديها أحفاد من الأساس لأن أبنتها الوحيدة غير متزوجة.

فكرت في الكم الهائل من القصص الملفقة والفيديوهات التي تبرز المعجزات, في عصر خلى منها. ووجدت أن أصحاب هذا النوع من الشائعات ربما يعانون من قلة الإيمان رغم ادعائهم أو وصفهم بالمتدينين. داخلهم رغبة في إثبات صحة دينهم لأنفسهم قبل إثباتها للآخرين خاصة أتباع الأديان و الملل الأخرى من خلال اختلاق المعجزات. فالمسيحي الحق أمن برسالة السيد المسيح" عليه السلام" دون أن يراه, و لم يشك للحظة  أن أمه البتول مريم. كما أن المسلم الحق مؤمن بالرسول محمد" عليه الصلاة و السلام" دون أن يراه, أمن بالقرآن و بخلق النبي الحسنة و سيرته العطرة. هناك سبب أخر لانتشار القصص و الشائعات, و هو أن هؤلاء يرغبون دائماً في إثبات أن المشاهير و العظماء يؤمنون بدينه كونهم مصدر فخر و إعزاز في زمن شحت فيه النماذج الحسنة و القدوة الحقيقة.

و يبقى المتشكك دائماً في حاجة لإثبات.










3.10.12

أصفر سماوي





ألقت نظرة الوداع الأخيرة ثم أغمضت عينياها. تهاب الصعود. غفت وهي تعانق

حزنها المكتوم. هز ذراعها بخفة وقال:

" أنظري لقد وصلنا. أتفرجي على البلد من أعلى".

بدا لها المشهد خالياً من كل شيء سوى اللون الأصفر. على سلم الطائرة لفحها الهواء الساخن الرطب واستقبلتها عاصفة ترابية. 


18.9.12

الرجل الذي





الرجل الذي يجلس الآن على أريكته المريحة يقلب القنوات التليفزيونية الإخبارية. بينما يجلس كثيرون على أريكتهم كالجمر الملتهب. ترتسم على وجهه ابتسامة ساخرة كلما سمع خبراً انتظره شهوراً. و تزداد كل ثانية عدد الوجوه الغاضبة. يرتشف من كأس النبيذ بنشوة. وفي الجانب الأخر, استنشق البرئ أخر نفس له من الدخان الأسود المتصاعد. ضحك بخلاعة أثناء كتابة رسالة تهنئة لشركائه. حين شقّت صرخة شاب صدور الناس عندما أصيب برصاصة فتناثر دمه الفائر على الإسفلت. الرجل الذي تقيأ الحقد الجاثم على صدره, و أوقد به صدور الملاين, ارتاح و تعبوا.

13.9.12

عقد احتراف- جريدة البديل


منذ عدة سنوات كنت أدرس بالجامعة الأمريكية لنيل شهادة الماجستير في علم الاجتماع و كنت أعمل كمساعد باحث في ذات الجامعة. لكن البروفيسور الأمريكي الذي بدا لي محايداً و محترفاً من خلال المراسلات التي تمت بيننا قبل وصوله لمصر, تبدل بعد لقاءنا الأول و صار يتهرب من المواعيد التي حددنا لها جدول مسبقاً, حتى الاتصالات الهاتفية لم يكن يرد عليها و في النهاية كتب تقريرا غير عادل عنى, كل ذلك لأني أرتدي الحجاب. تمنيت وقتها لو أعطاني فرصة واحدة لأظهر له أنى لست متخلفة و لا همجية و لا إرهابية كما يظن.
كلنا يهمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم, و كلنا نسعى للحفاظ على سيرته. لكننا لم نفكر يوماً كيف سنجعله يتباهى بنا يوم القيامة. فتزامن ذكرى الحادي عشر من سبتمبر مع انتشار خبر الفيلم المسيء للرسول عليه الصلاة و السلام, يجعلنا كمسلمين نشعر بالظلم. فلا نحن قمنا بتلك العملية الإرهابية و لا نبينا يستحق الإهانة.
عزيزي المسلم المتظاهر للدفاع عن نبيك, مبروك عليك عقد احتراف التخلف و الهمجية. للأسف تلك هي المعلومة التي بثتها وسائل الإعلام الغربية لنبدو كالحمقى أمام العالم, و السبب نحن.  ففي الوقت الذي أنشغل بعض علمائنا عن الدعوة بلباس المرأة و حواجبها, و أنشغل بعض رجالنا عن العلم بتعدد الزوجات و ملك اليمين. كان الغرب يركض من دون كلل خلف ركب العلم و المعرفة.  
فيلم تافه و ضعيف أنتجه بعض السفهاء المتطرفين, يجعلك تفكر كيف ترد الاعتبار لنبيك و هذا حق. لكن كيف؟ تحرق و تقتل و تذم أهل الكتاب ؟ أم تفكر ألف مره قبل أن تتصرف بانفعال؟ هل فكر أحد أن المجتمعات الغربية تتمتع بحرية التعبير حتى أنهم ينتجون أفلاماً مسيئة عن السيد المسيح و العذراء مريم؟ رغم أنى ضد هذا النوع من الأفلام لأنها ضد الحرية و مفهومها الحقيقي, لكن علينا فهم ثقافتهم و محاربة الفكر بالفكر و التصدي لهذا النوع من التطرف بالتمسك بأخلاق الرسول الكريم.
عزيزي المسلم حين حملك الغرب المسلمين مسؤولية حوادث إرهابية عدة أهمها "الحادي عشر من سبتمبر" شعرت بالإهانة و الظلم؟ لكن بعضنا بدأ يستخدم نفس الأسلوب حين ظلم المسيحيين و اليهود بكتابة عبارات غير لائقة على جدران السفارة الأمريكية بالقاهرة. أبشر كل من فعل ذلك أنه يساهم في أنجح المخطط المرسوم بعناية لتفكيك الوطن و تقسيمه و المتمثل في دعوات بعض المسيحيين في الاستقلال بجزء من مصر و التي يقابلها رغبة بعض المسلمين في إعادة مصر لعصر الخلافة الإسلامية.
أما حادثة طرابلس فهي أبشع من أن توصف و ستظل سبة على جبين العرب و المسلمين, لعن الله فاعلها و المحرض عليها.  
وبدلاً من الدفاع عن رسول الله بالتظاهر الغير سلمى الذي صار عند البعض "خروجة روشة", فكروا كيف ننهض بالوطن, كيف يكون بيننا رجال دين, علماء, أدباء, و فنانين يدعون بشكل حضاري لسماحة الإسلام و يمثلون العرب أحسن تمثيل. و لا تردوا الإساءة بمثلها و تذكروا أن حبيبكم"عليه أفضل الصلاة و السلام" زار جاره اليهودي الذي كان يضع القاذورات أمام بيته حين كان مريضاً.

1.8.12

تلك الرائحة

كنت أفتش في ذاكرتي عن قصة أحكيها لطفلي قبل النوم.. لكني لم أعثر على اي من تلك الحكايات التي قضت أمي ليلاتها تقصها عليّ، بدت دماغي خالية من تلك القصص الطفولية الساذجة، بينما تلح على ذكريات طفولتي. هل سأكون انا بطلة قصة هذه الليلة؟ هل سأحكي لهُ عن ذلك اليوم الذي أفطرت فيه في نهار رمضان بسبب كعك العيد؟ واني كنت تلك البنت السيئة التي لم تستطع مقاومة روعة رائحته وهو طازج؟

كانت تلك المرة الأولى والأخيرة التي خبزت فيها أمي الكعك -حتى انني حين كبرت لم أستطع ان أردد يوماً كلمات درويش التي تلح على باستمرار «أحن لخبز أمي وقهوة أمي» لأنها كذلك لم تعد القهوة لي أبداً-. تعودنا ان ترسل لنا جدتي الكعك كل عام مع «عم عبدالناصر» الكُمساري. 

قررت أمي ان تقدم على فعلتها تلك بمساعدة صديقتها نادية. يومها عدت من المدرسة فاذا بتلك الرائحة تتسلل الى انفي حتى صار من الصعب التخلص من رغبتي المتوحشة في أكل قطعة من كعك أمي. طلبت مني كالعادة ان أغير ملابسي والوضوء لألحق بصلاة الظهر قبل ان يحين موعد العصر. فعلت تماماً ما طلبته مني.. لكن رائحة الكعك كانت مسيطرة على فكري، كيف سأنتظر حتى يحين موعد آذان المغرب وانا التي تعشق حلوى العيد.. ملابس العيد لا تعنيني كما أهتم لتلك اللحظة التي ألتقي فيها مع أول قضمة من ذلك الشيء الذي يذوب في الفم، طعم الزبد الممزوج بالسمسم المحمص والدقيق والسكر.. يا الله.

تسللت الى غرفة الطعام -بينما كانت أمي مشغولة عني بصلاة العصر- حيث تضع الصواني، مددت يدي وأخذت واحدة بسرعة فائقة.. قضمتها في لهفة وبعد لحظة جحظت عيوني وصرت أمضغها ببطء شديد. لا أريد ان ابتلعها.. لا أريد. فأنا أكره تلك النكهة التي وضعتها أمي في الكعك. وقتها ظننت انه عقاب الله، ولم أفكر ان صديقتها ربما هي التي أشارت عليها فأضافت «ماء الزهر» للعجين.

حانت ساعة الحكي.. مازلت مترددة كيف سأحكي لهُ عن فعلتي تلك، لكنني حين جلست بجوار سرير صغيري بينما شباك الغرفة مفتوح أمامي.. بدا لي القمر بدرا، فوجدتني أحكى لهُ عن الشمس أخت القمر التي تذهب للنوم مبكراً، وترسل له اشاعتها، ليضئ ليلنا الحالك.

*تم نشر هذه القصة بجريدة النهار الكويتية

14.7.12

العزف على وتر الروح




أجدنى أحياناً متلبسة بالعزف على الهواء حين أسمع لحناً يأسر أذني و يجبرني على الإنصات..وقتها أدرك أن نوبة حنين للعزف على آلة "الأورج" خاصتى قد باغتتني و أنني لن أستطيع أن ألبى نداء روحي و أعزف.

 أحن للعزف الذي انقطعت عن ممارسته تماماً منذ وصولي لمرحلة الثانوية العامة, رغم أني كنت قد بدأت بالفعل التدريب على آلة الجيتار و الأوكورديون و الكمان, فالعزف على آلات موسيقية مختلفة كان شغفي. لكنى انشغلت عن ممارسة هوايتي بالدراسة ثم العمل.

والدتي هي أول من أكتشف موهبتي حين عزفت مقطع من أغنية "أنت عمري" لكوكب الشرق أم كلثوم و لحن العملاق محمد عبد الوهاب على آلة "الأورج" البيضاء التي أهداها لها ولدى عندما عاد من رحلة الحج..ففوجئت بي أعزف ذات المقطع مع بعض الأخطاء البسيطة, كان عمري حينها خمس سنوات تقريباً. يبدو أنها أدركت أنى أمتلك أذن موسيقية فاتفقت مع أبى على أن أتعلم فن العزف على يد أستاذ متخصص. ليس هذا وفقط بل كنت أذهب لقصر الثقافة و لمركز الشباب لنفس السبب. حتى أنى قد التحقت بالمدرسة و أنا أجيد العزف على آلة "الأورج" إجادة تامة.

بفستاني الستان الأزرق ذو الحزام الأبيض صعدت يوماً على خشبة مسرح قصر ثقافة مدينة أسوان -كان حفل عيد الطفولة أو ربما عيد الأم فمشاركتي في حفلات المدرسة كان أمراً تلقائياً- بعدما قدمني مذيع الحفل قائلاً "ذات الأصابع الذهبية", حانت لحظة مواجهة الجمهور.. لأعزف لهم مقطوعات موسيقية في فقرة فردية. كنت بالكاد أصل "للأورج" لأنني أقصر من الأرجل المصنوعة من مادة الأستانلس الخاصة بالآلة..فاستدركت إدارة المدرسة هذا الأمر فيما بعد و صاروا يضعونه على منضده خشبية قصيرة لأتمكن من العزف دون أن أضطر للوقوف على أطراف أصابعي كالباليرينا.  أعتدت كذلك أن أشترك مع زملائي في العزف لكورال المدرسة, وكثيراً ما شعرت بالتوتر لأن على أن أبدل ملابسي في دقائق معدودة فأخلع الفستان و أرتدي الزى المخصص للفرقة الموسيقية, أذكر ذلك الطاقم المكون من بلوزة بيضاء و تنورة بلون النبيذ.

أحن لتلك اللحظات التي كنت أمضيها لتدرب على المقطوعات الموسيقية و كيف أنني كنت أفضل أحياناً أن أستخدم "الأورج" الأحمر الخاص بأخي لأنه كان يتميز عن خاصتى بإمكانية التسجيل..كنت أضغط على زر التسجيل لأشغله بينما تكون أمي بعيدة من باب العند لأنى لا أحب أن أمارس ما أحبه تحت ضغط. وكنت أقنعها بأنني لا أجد السلك الكهربائي الذي يخص آلتي و أن البطاريات لا تعمل..كنت أظن أنى أذكى منها و اكتشفت في ما بعد- حين قررت أن أعترف لها منذ عدة سنوات- أن أمي تعرف حقيقة أفعالي. لم تكن تلك المرة الأولى التي أكتشف فيها أن كل محاولاتي و ألاعيبي –الطفولية- كانت مكشوفة و أنى الوحيدة التي تمارس فعل "الهبل".

أحن لآلة "الأكورديون" التي أشتراها لي أبى حين نجحت في الصف الخامس الأبتدائى..تلك الآلة التي كانت أكبر من جسدي الصغير و رغم ذلك كنت أحملها كالأم التي تحمل وليدها.

كثيراً ما أقلب ألبوم صوري..و أتذكر تلك الأيام البريئة الخالية من أية مسئولية سوى أن أعزف مقطوعتي دون أن أرتبك..دون أن أخطئ, فقط كان على الالتزام برتم اللحن. وفى تلك الصور كان يظهر معي مدرس الموسيقى. أذكر أستاذ عادل, أستاذ على, أستاذ هشام, أستاذة أمل رحمة الله عليها و أستاذة مارى..أذكر كل من علموني كيف أعبر عن ما بداخلي عن طريق الموسيقى..كيف أمليء الدنيا ألحان و نغمات تسمو بالروح و تدعو للتأمل و الفرح.

ربما تلك هي المرة الأولى التي سأشكر فيها أبى و أمي لأنهما حين اكتشفا موهبتي لم يدخروا أي شئ..أمي التي أهلكتها بالذهاب معي للتدريب و أبى الذي بذل مالاً كثيراً للمدرس – الخصوصى- الذي ظل يأتي إلى البيت لمرتين في الأسبوع. شكراً لأنكما كنتما السبب لأكتشف ذاتي.

أحن للموسيقى التي لم يبقى لي منها سوى الاستماع إليها.


مقالى بملف "الحنين ..ذاكرة الوجود" مجلة الثقافة الجديدة عدد يوليو 2012

28.6.12

دعوت فى "غرف حنين" لعدم الحكم على الناس بالمظهر الخارجى فقط




يوم الأربعاء 27 يونيو 2012
حاورتها – ندى الأيام

نسرين البخشونجى ... كاتبة شابة درست الخدمة الأجتماعية عملت فى الصحافة حيث كتبت لعدد من الصحف والمجلات، وفى مجال الكتابة الأدبية صدر لها عملان، الأول مجموعتها القصصية الأولى "بُعد إجبارى" فى عام 2009 والتى لاقت استحسان كبير من القراء والمتخصصون حيث أشاد بها الكاتب العالمى علاء الأسوانى عندما تحدث عنها لجريدة اللموند الفرنسية وتوقع لها مستقبل مشرق، والعمل الثانى هو روايتها الأولى "غرف حنين" فى عام 2011.
قابلتها ندى الأيام فكان هذا الحوار ...
متى بدأت هواية الكتابة عندك ؟
بدأت أحب الكتابة منذ أن كنت فى المرحلة الأعدادية حيث كانت البداية مع كتابة الخواطر، وبالرغم من ذلك لم أكن أتخيل أننى سأصبح كاتبة فيما بعد لكننى كنت أتمنى وقتها أن أصبح صحفية، وكانت بداية علاقتى بالكتابة عندما عملت كمسئول أعلامى فى إحدى دور النشر والتوزيع، وأتاح لى عملى وقتها التعرف على كتاب كثيرين كان منهم دكتور زين عبد الهادى، وكان أول من قرأ كتاباتى وشجعنى على الأستمرار.
ما هو نوع الكتابة الذى تفضليه أكثر الكتابة الأدبية أم الصحفية ؟
من المؤكد الكتابة الأدبية، فمن خلالها أستطيع أن أعبر عن نفسى وأفكارى أكثر، أما من الكتابة الصحفية فغالبا ما تتسم بالحيادية أكثر.
وماذا عن أنواع الكتابة الأدبية أيهم تفضلين ؟
لا أستطيع أن أخبرك تحديدا عن النوع المفضل لى لكن هناك أنواع من الكتابة تستطعين من خلالها التعبير عن نفسك أكثر مثل الرواية فهى تعطيك مساحة أكبر تستطعين من خلالها رسم شخصيات وأفكار وأحداث أكثر من أن تكتبى مثلا قصص قصيرة، وفى الوقت نفسه تجدى أن القصص القصيرة لا تستغرق وقتا طويلا فى الكتابة وتتسم أيضا بسرعة الأحداث.
أغلب كتاباتك عن المرأة ... فما السبب ؟
ليس عيبا أن أعبر عن مشاكل المرأة أو مشاعرها على الرغم من ابداع الكُتاب الرجال فى هذا المجال، بشكل عام الكُتاب السيدات تستطيع كتابة التفاصيل الصغيرة فى حياة المرأة مما يجعلها أكثر تعبيرا عن هموم ومشاكل بنات جنسها، مع العلم أننى ضد تصنيف الأدب الى نسوى وذكورى.
هل تستطيع المرأة أن تعبر عن كل ما يجول فى خاطرها من خلال كتابتها أم أن المجتمع يضع لها حدودا فى ذلك ؟
هنا المشكلة غالبا ما تكون فى القارئ وليس فى الكاتبة بمعنى أن القارئ منذ البداية يقوم بتصنيف ما يقرأه على انه أدب نسوى ثم يقوم بدور الجلاد على الكاتبة، المجتمع بأكمله بداية من الأسرة يضع خطوط وأحكام على أدب المرأة.
حديثنا عن أعمالك ... "بُعد إجبارى" وروايتك الأخيرة "غرف حنين".
بُعد أجبارى هى مجموعتى القصصية الأولى وعملى الأول الذى تعرف القارئ على من خلاله، أما "غرف حنين" فهى عملى الثانى وروايتى الأولى بذلت مجهود كبير فى كتابتها، والحمد لله أستطيع أن أقول أننى راضية عنها وعن اللغة المستخدمة فيها.
ما هى أكثر قصة تفضليها ضمن مجموعتك القصصية "بُعد إجبارى" ؟
أكثر قصة أحبها بالتأكيد القصة التى تحمل أسم المجموعة كلها "بُعد إجبارى" ثم يأتى بعدها "ميعاد سرى"، "الفراشة"، و"برواز".
من أهم الموضوعات التى تحدثتى عنها فى "غرف حنين" كان التباين المظهرى السائد فى المجتمع.
نعم ووددت أن أوضح أن هناك بنات كثيرات غير محجبات ومع ذلك فهم متدينات جدا عكس بنات محجبات من الممكن أن تكون مقصرة فى عبادتها، فالحجاب تحول الى مظهر إجتماعى أكثر منه دينى، والهدف من طرح هذة الفكرة هو أن نحاول أن لا نقيس شخصيات الأخرين حسب مظهرهم فقط، فالتصرفات والتعاملات اليومية هى الفيصل فى النهاية فى الحكم على أى أنسان.
ما هى هواياتك غير الكتابة ؟
أحب سماع الموسيقى خصوصا لـ عمر خيرت، عمر فاروق التركى، فرقة بساطة، وأغانى المطربة أصالة، أيضا أحب العزف على الأورج والأوكرديون والكامنجه ... كنت دائما أعزف فى حفلات المدرسة خاصة فى عيد الطفولة وعيد الأم.
ما هو عملك القادم ؟ وما هى أحلامك للمستقبل؟
حاليا أعمل على كتابة نوع جديد على من الكتابة الأدبية وهى النصوص، وأجمل ما فيها أننى تفاجئت كثيرا ما كتبته حتى الأن، وكل ما أتمناه أن أستطيع دائما أن أتنوع فى كتاباتى، وأن يكون لدى الجديد دائما سواء على مستوى الكتابة أو الأفكار.
ما هى نصيحتك لبنت تهوى الكتابة ولا تعرف من أين تبدأ ؟
يجب عليها أن تقرأ كثيرا، وأن تطلع دائما على كل ما هو جديد فى عالم الأدب، وذلك الى جانب القديم من إبداعات عمالقة الأدب، والأهم أن لا تخاف عندما تكتب من أن يقرأ كتاباتها غيرها، وتعرضه فى البداية على الأقارب والأصدقاء، وأخيرا لا تُحبط من النقد.

6.6.12

تخاريف ليلة صيفية







 أغلقت شاشة حاسوبي و هممت لأطفئ نور الغرفة, لكنى بدأت أوقن بأن هناك علاقة طرديه بين لحظة الإظلام و التخاريف..استلقى على سريري.. أضع رأسي على وسادة حبيبي حين يكون مسافراً، ربما أرى أحلامه، لكن المسافات بيني و بين النوم تبتعد. أعيد وسادتي و أضع وسادته على رأسي ربما أعرف فيما يفكر, لكن أفكاره تذهب معه حيث يكون. 


بينما تشاركني الوحدة وجع البعاد. أتقلب بين الحين و الأخر,أتخيله نائماً في مكانه لكن الفراش يفتقد دفء روحه و نشوة أمانهُ.. حتى طاقة السعادة التي تملأ غرفتنا مع كل نفس حار يخرج منه.. أخذها معه و رحل.تأكلني الوحدة..تتسلى بي.
 العمل..سأفكر في موضوعات جديدةربما علينا أن نحتفي بالملل, لكن مال الناس و الملل أنا فقط التي تشعر به. اضغط على زر تشغيل الحاسوب..سأكتب مقالاً عن الولع قبل أن يمسك المدعون دفة البلاد. 
 دفة البلاد..أيمكن أن تتحول مصر لدولة دينية؟ لكننا شعب يحب الفن و المرح.. صحيح أن بيننا جهلاء لكن بفطرتهم الأصيلة يعشقون الغناء و الرقص. أو ربما سيعود مبارك كاشفاً عن لسانه الذي يشبه لسان الثعبان..معلناً أن ما حدث كان مجرد لعبة "عسكر و حرمية" و أنه فكر في اللعب مع الشعب عقب انتخابات 2010 حين قال "خليهم يتسلوا".

خليهم يتسلوا..أكانت تلك إشارة بدأ اللعب..بينما سمينها نحن "ثورة" ؟
 لا أريد أن أمضى ليلتي في فك طلاسم ما يحدث الآن.. سأسحب رداء النوم لأخفى جسدي بين نسيجه. لكن حيرة البدايات الجديدة تسيطر على فكرى.

سأفكر في شئ أخر. لماذا لا أدعو رجالاً مستنيرين ليكتبوا عن الأنثى سر الحياة..بينما ينشغل الآخرون بسن قوانين تحقر من شأنها. 
ترى من سأختار؟ سأرسل لهم جميعاً رسالة واحدة على الفيس بوك و سأنتظر المفاجئات.

لن أنام, سأكتب عن الفقد. لكن مال الناس بالفقد..أنا فقط التي تشعر به..مهزومة أنا و موجوعة مثل قلب الوطن.سأبتلع قرصاً سحرياً و 
أحلم بأن ما يحدث الآن مجرد..تخاريف ليلة صيفية

12.5.12

هل أخطأ د.علاء الأسواني؟



أعترف بأنى لست في ثقافة الدكتور علاء الأسواني, كما أنني لست في شهرته و نجوميته. كذلك لا أملك قدرته الرائعة على التأثير على القراء. بل و أعترف أن هذا الرجل وقف بجانبي يوماً حين تحدث عنى لجريدة فرنسية مبشراً و مستبشراً بي. و أعترف أنى أكن لهُ كل التقدير و الاحترام, لكنك حين تقدر شخصاً يعز عليك أن تقرأ هذا الكم الهائل من النقد على ما كتبه. كما يصعب عليك كتم رأيك لأن هذا حق.

حين كتب د. علاء الأسواني مقالته المثيرة للجدل"من يستقبل البابا شنودة؟"  في وداع البابا شنودة الثالث, فكر أن يقدم التعازي بطريقة تليق به كمبدع و روائي عالمي. أستخدم عنوان مقاله ملفت و يشجع على القراءة, لكنه فاجئ القارئ بسيناريو صعود البابا للسماء و تفاصيل لقاءه بشهداء ثورتنا. فهل أخطئ د. الأسواني؟  سؤال ربما فكر فيه الكثيرين و أنا منهم, فالمبدع عادة يفكر دائماً في طرح وجهة نظره بطريقة مختلفة عن أي شخص عادى و هنا تكمن المشكلة.

في الأدب يمكن للكاتب أن يقولب وجهة نظرة بأي شكل إبداعي يروق له و يصيغه بالشكل الذي يرضيه و عادة ما يلقى العمل الإبداعي المختلف دعم المثقفين و القراء. لكن كاتب المقال و خاصة من هو في مثل شهرة د. علاء, عادة يفكر في العدد الهائل من القراء و الاختلاف الثقافي, الإجتماعى, و العمرى بينهم. و الكاتب المميز هو من يستطيع حل تلك المعضلة بحيث يطرح وجهة نظره بطريقة تسمح للجميع قراءتها.أما أن يخرج علينا الروائي العالمي بسيناريو إبداعي في مساحة مخصصة للرأي فهو أمر غريب, و الأغرب أن يتجاوز خطوط حمراء كثيرة فيما يخص العقيدة, و الأشد غرابة أن يقوم بتسيس مقاله دون مبرر واضح.

و السؤال كيف فكر د. علاء أن يكتب ما يعلم أنه سيثير ضده الكثيرين بتدخله الصريح في أمر لا يخصه و لا يخص القراء. كيف سمح لقلمه بأن يشطح في سماء الإبداع و يتدخل في أمور غيبية لا يعلمها إلا الله. كيف تمكن من إصدار صكوك لدخول الجنة أو جهنم, ومن أدخله الله في زمرة الشهداء و من لم يكتب لهم نيل شرف الشهادة. و السؤال الأهم على أي أساس صنف الكاتب البابا شنودة على أنه سيكون في زمرة الشهداء؟ فالرجل مات في سريرة بينما مات الشهداء برصاص الغدر, فهل أراد د. علاء أن ينافق المواطنين المسيحيين خاصة عندما وضع على لسان البابا شنودة مبررات لمواقفه-المتخاذلة أحياناً- تجاه الأحداث التي تمر بها مصر. و لماذا أدخل فكرة أن الإخوان عقدوا صفقة مع المجلس العسكري – وهو الاعتقاد الذي أؤمن به و يؤمن به الكثيرين من أبناء هذا الوطن- لكنه جاء خارجاً عن السياق.

دكتور علاء لقد خذلتني و الكثير من محبين قلمك بهذه المقالة, فعهدنا بك الجرأة في الحق فقط.


* مقالى بمجلة التحكيم الدولى عدد إبريل 2012

30.3.12

أصلان الذى لم أعرفه


احتلت صور الكاتب الكبير إبراهيم أصلان صفحات معظم أصدقائي على موقع الفيس بوك مساء السابع من يناير. اندهشت.. قلت لنفسي ربما يكون قد حصد جائزة أدبية جديدة. لكن قبل تكتمل دهشتي تلك وقعت عيوني على كلمات لم أستوعبها للحظة, فالصديقة الكاتبة نهى محمود كتبت" أصلان..ينفع كده" بينما كتب الكاتب محمد عبد النبي " الله يرحمك يا عم أصلان.. خدتنا على غفلة". أما ما كتبه الشاعر شعبان يوسف فلم يكن صادماً بل موجعاً حتى أنى لم أستطع قراءته مرة أخرى. لكن عقلي أبى أن يصدق..فصرت أجول بين المواقع الإخبارية التي أكدت الخبر. مات إبراهيم أصلان. لا أدرى كم ساعة مرت عليّ قبل أن أشعر برغبة في كتابة نعى على صفحتي بالفيس بوك بحجم محبتي و تقديرى لهُ, لكن الكلمات انمحت من ذاكرتي و لم تسعفني اللغة فلم أكتب سوى "مالك الحزين..رحل".

اعتدت أن أحزن لرحيل كاتب قرأت لهُ أو فنان أحببت إبداعه, في كل مرة أشعر بالآسي لأني لم ألتقي به شخصياً و لم أعرفه عن قرب و ظلت علاقتي الوحيدة به هي الإبداع. و أتسائل هل أنا محظوظة لأن مقدار حزني أقل بكثير من الذين عرفوه عن قرب, أم غير محظوظة لأن الاقتراب من الشخصيات الفريدة كنز خسرته.

إلى أن نشرت الكاتبة مي خالد مقالاً بعنوان" صحوة الرحلة الأخيرة" على صفحتها على الفيس بوك, أعجبني العنوان ظننته نصاً إبداعياً فشرعت في قراءته. لكن النص كان رثاءً راقياً للراحل أصلان, وصفت مي علاقتها القصيرة به..كيف أنه كان يحمل قلب طفل و روح شاب و جسد عجوز. لم يكن مقال مي هو الوحيد الذي جعلني أدرك حجم خسارتي بل كل كلمه كتبها زملائي و أصدقائي عن أصلان كانت كفيلة بأن أدرك فداحة خسارتي.

هل لي أن أعترف بأني كنت قد نويت حضور ندوة تأبين الراحل عبد الرحمن أبو عوف بجمعية محبي الفنون التي كان مقرر إقامتها يوم الثامن من يناير لأقابل أصلان الذي كان قد خرج من المستشفى قبل أيام وفضلت أن أرجئ اللقاء لأني لم أرغب في أن أراه راقداً كي لا يرتبط لقاءنا الأول في ذاكرتي بمرضه و ضعفه.

هل لي أن أعترف بأني خجلت من طلب رقمه من أبنه هشام الذي تربطني به علاقة زمالة منذ عدة سنوات و اكتفيت في كل مرة التقى به بالسؤال عن صحة والده.

لست محظوظة إذاً..لأني لم أقترب من شخص في إنسانية أصلان, لكن عزائي الوحيد هو اليقين بأن المبدع الحق لا يموت بل يظل خالداً و باقياً في كل مكتبة تضم أعماله و في ذاكرة كل قرائه. كتب أصلان يوماً " ."إن العبرة ليست أبداً فى معرفة الناس, إنما فى الإحساس بهم


*المقال منشور بمجلة الثقافة الجديدة عدد مارس

21.3.12

قُبلة حياة


تقبل يده بحركة لا إرادية.. كلما سنحت لها الفرصة. لم تفكر يوماً انه هو من عليه أن يقوم بذلك..هي لا تهتم لهذه الأفكار. وحدها المشاعر محركها..الإحساس إيمانها و عقيدتها.



حين قبلت أمها يدها منذ عدة سنوات انتابتها رغبه عارمة في البكاء. كانت مسافرة, قطفت لها أمها فُلة من الحديقة الصغيرة التي زرعتها قبل باب المنزل الحديدي الكبير ببضعة أمتار. شمتها ثم أعطتها لبكريتها, "منى ليكى" قالت لها. ثم أمسكت يدها لتودعها و قبل أن تخرج إلى الشارع, رفعت يدها إلى فمها و قبلتها.



قُبلة لم تستغرق جزء من الثانية صحبتها دفعة مشاعر هائلة تدفقت لقلبها و تسللت برقة لأعماق روحها." عليك فقط أن تفعل ما تحس به فعلاً" هكذا علمتها أمها.



ربما لهذا السبب صارت تقبل يده دون تفكير..دون وعى كلما لمست يده يدها. بالنسبة لها هي قبلة حياة و أمل. قبلة تُشعرها بأن طفلها يكبر كل يوم و أن كفه الصغير صار أكبر, أنتفخ قليلاً و صارت به نغزات مثيرة للقُبل.