Pages

13.9.12

عقد احتراف- جريدة البديل


منذ عدة سنوات كنت أدرس بالجامعة الأمريكية لنيل شهادة الماجستير في علم الاجتماع و كنت أعمل كمساعد باحث في ذات الجامعة. لكن البروفيسور الأمريكي الذي بدا لي محايداً و محترفاً من خلال المراسلات التي تمت بيننا قبل وصوله لمصر, تبدل بعد لقاءنا الأول و صار يتهرب من المواعيد التي حددنا لها جدول مسبقاً, حتى الاتصالات الهاتفية لم يكن يرد عليها و في النهاية كتب تقريرا غير عادل عنى, كل ذلك لأني أرتدي الحجاب. تمنيت وقتها لو أعطاني فرصة واحدة لأظهر له أنى لست متخلفة و لا همجية و لا إرهابية كما يظن.
كلنا يهمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم, و كلنا نسعى للحفاظ على سيرته. لكننا لم نفكر يوماً كيف سنجعله يتباهى بنا يوم القيامة. فتزامن ذكرى الحادي عشر من سبتمبر مع انتشار خبر الفيلم المسيء للرسول عليه الصلاة و السلام, يجعلنا كمسلمين نشعر بالظلم. فلا نحن قمنا بتلك العملية الإرهابية و لا نبينا يستحق الإهانة.
عزيزي المسلم المتظاهر للدفاع عن نبيك, مبروك عليك عقد احتراف التخلف و الهمجية. للأسف تلك هي المعلومة التي بثتها وسائل الإعلام الغربية لنبدو كالحمقى أمام العالم, و السبب نحن.  ففي الوقت الذي أنشغل بعض علمائنا عن الدعوة بلباس المرأة و حواجبها, و أنشغل بعض رجالنا عن العلم بتعدد الزوجات و ملك اليمين. كان الغرب يركض من دون كلل خلف ركب العلم و المعرفة.  
فيلم تافه و ضعيف أنتجه بعض السفهاء المتطرفين, يجعلك تفكر كيف ترد الاعتبار لنبيك و هذا حق. لكن كيف؟ تحرق و تقتل و تذم أهل الكتاب ؟ أم تفكر ألف مره قبل أن تتصرف بانفعال؟ هل فكر أحد أن المجتمعات الغربية تتمتع بحرية التعبير حتى أنهم ينتجون أفلاماً مسيئة عن السيد المسيح و العذراء مريم؟ رغم أنى ضد هذا النوع من الأفلام لأنها ضد الحرية و مفهومها الحقيقي, لكن علينا فهم ثقافتهم و محاربة الفكر بالفكر و التصدي لهذا النوع من التطرف بالتمسك بأخلاق الرسول الكريم.
عزيزي المسلم حين حملك الغرب المسلمين مسؤولية حوادث إرهابية عدة أهمها "الحادي عشر من سبتمبر" شعرت بالإهانة و الظلم؟ لكن بعضنا بدأ يستخدم نفس الأسلوب حين ظلم المسيحيين و اليهود بكتابة عبارات غير لائقة على جدران السفارة الأمريكية بالقاهرة. أبشر كل من فعل ذلك أنه يساهم في أنجح المخطط المرسوم بعناية لتفكيك الوطن و تقسيمه و المتمثل في دعوات بعض المسيحيين في الاستقلال بجزء من مصر و التي يقابلها رغبة بعض المسلمين في إعادة مصر لعصر الخلافة الإسلامية.
أما حادثة طرابلس فهي أبشع من أن توصف و ستظل سبة على جبين العرب و المسلمين, لعن الله فاعلها و المحرض عليها.  
وبدلاً من الدفاع عن رسول الله بالتظاهر الغير سلمى الذي صار عند البعض "خروجة روشة", فكروا كيف ننهض بالوطن, كيف يكون بيننا رجال دين, علماء, أدباء, و فنانين يدعون بشكل حضاري لسماحة الإسلام و يمثلون العرب أحسن تمثيل. و لا تردوا الإساءة بمثلها و تذكروا أن حبيبكم"عليه أفضل الصلاة و السلام" زار جاره اليهودي الذي كان يضع القاذورات أمام بيته حين كان مريضاً.

No comments:

Post a Comment

أرحب بجميع الآراء و الملاحظات على مدونتي ^_^

قال تعالى : { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }

نسرين البخشونجى