Pages

22.12.13

نسرين البخشونجى: الإبداع يعانى من قيود مجتمعية

كتبت - رانيا هلال

الروائح هى إحدى التيمات المميزة التى استخدمتها الكاتبة نسرين البخشونجى، واعتمدت عليها فى السرد الروائى فى روايتها «عطر شاه»، من خلال لغة رقيقة شفافة تهتم بتفاصيل المكان والزمان حيث تتناول حياة كاتبة مغمورة تحاول تحقيق طموحها ككاتبة فى الوسط الأدبى الذى تصطدم بصراعاته المستترة وحروبه الباردة، وفى هذا الإطار تتطرق إلى علاقتها بالطبخ وبالوحدة وببعض مفردات حياتها، حيث يتشكل وجدانها طوال الوقت مع تعاقب الأحداث، «عطر شاه» هى الرواية الثانية للكاتبة بعد رواية «غرف حنين» الصادرة عام 2011 كما أصدرت الكاتبة أيضاً مجموعتها القصصية الأولى «بُعد إجباري» عام 2009.


■ ماذا عنيتى بعنوان روايتك «عطر شاه»؟
فى الحقيقة يعنى الكثير، فهو يعبر عن روح النص السردى علاوة على اسم الشخصية الرئيسية فى الرواية وهو اسم غير مألوف أساسا وبالتالى سيثير فضول القارئ.


■ تتعرف البطلة من خلال الرائحة على العالم إلى أى مدى تتشابهين معها فى ذلك؟
فى الحقيقة، أتشابه معها كثيراً، فأنا عاشقة للروائح والعطور ربما لهذا السبب فكرت فى أن أكتب فى مديح العطر، والمفروض أن لكل سيدة عطرها الذى يوازى شخصيتها، استخدم أنا مجموعة كبيرة من العطور على اختلاف أساسها بما يتوافق مع حالتى النفسية. لكنى أريد ان أنوه على أن «عطر شاه» ليست نسرين والرواية ليست جزءا من حياتى كما كتب فى إحدى الصحف.


■ «ليس من السهل أبدا أن يكون المبدع مرتبطا».. إلى أى مدى تتفقين مع هذا الرأي؟
بصراحة، اتفق كثيراً، أم كلثوم مثلا ادركت هذا فتزوجت فى وقت متأخر، الحياة مع المبدع بشكل عام والكاتب بشكل خاص ربما لا تكون مريحة لمعظم الناس، فمزاج ما قبل الكتابة وما بعدها يشبه «النوة» التى تحدث فى شتاء الإسكندرية. ومع ذلك لا أستطيع نفى نجاح تجربتى الزوجية فقط لكونه رجلا متفهما تماما لطبيعة شخصيتى وتقلباتى المزاجية التى أحيانا تكون عنيفة ومفاجأة.


■ هل تغير رأيك بعد مرور ثلاث سنوات على الثورة فيما يخص القيود المفروضة على الإبداع؟
أعتقد أن القيود المفروضة على الإبداع قيود مجتمعية بالأساس، ولن تتغير بالشكل الذى نتمناه إلا إذا تغيرنا نحن من داخلنا. أحيانا كثيرة أفكر ان لدينا تحفظات على أشياء لم يحرمها الدين أساسا، باختصار نحن فى حاجة لأن نثور على أنفسنا قبل أن نثور على من وما حولنا من مفردات مجتمعية أخرى.


■ ماذا أضافت الثورة لكتابة هذا الجيل؟
لا أظن أن الثورة أثرت فى هذا الجيل بل العكس هو الصحيح، الحركة الثقافية المتمثلة فى ظهور جيل من الكتاب الشباب بالإضافة إلى ظهور الفرق الموسيقية غير الاستهلاكية هى التى أسست للثورة ودعمتها بقوة.


■ هل نجحت المدينة الفاضلة التى أنشئت فى التحرير فى تغيير نظرتنا إلى الآخر؟
هكذا ظننت، لكن يبدو ان التغيير لم يشمل المجتمع بأكمله. منذ بداية الثورة انتشرت تعبيرات مثل «أجندات، عملاء، فلول» ثم تطور قاموس التخوين وصار يشمل اصطلاحات جديدة» لجان الكترونية، خلايا نائمة، طابور خامس، مخطوف ذهنياً، منجذب، شيطنة» كل هذه الكلمات وجدت طريقها إلى عقولنا تشبعنا بها حتى كدنا نشك فى انفسنا. نحن الآن نتعامل بطريقة من يخالفنى الرأى فهو بالضرورة خائن للوطن لم يعد لدينا مساحة للتفاهم.


■ كيف ترين تناول الرواية للمسألة الطائفية فى مصر وفى العالم العربى بشكل عام؟
بصراحة، أراها متشابكة وشائكة، نحن نحاول أن نجعل الظاهر عكس الحقيقة، نريد أن نرسم صورة لأوطاننا داخل إطار الوحدة والتضامن والمحبة، ونحن بعيدين كل البعد عن هذا الإطار، فى مصر مثلا حين تسألين عن طبيب سيقال لك حرفيا «أعرف طبيب ممتاز بس مسيحي» كما أذكر يوماً قالت لى زميلة مسيحية متحدثة عن زميلة أخرى «دى منكم مش مننا» فى إشارة لكون الأخرى مسلمة، نحن من داخلنا مشبعين بالطائفية دون أن نشعر.


■ لخص «مقهى زهرة البستان» كثيرا من نظرة الكاتبة لمنطقة وسط البلد ثقافيا واجتماعيا، هل لنا أن نتعرف أكثر على تلك النظرة؟
ليست نظرة بل واقع، معظم المثقفين يلتقون هناك على المقهى، هناك سترين وجه المثقفين الحقيقي، فالوسط الثقافى مثل أى وسط فى المجتمع فيه الصالح وفيه الطالح، آفته من وجهة نظرى الشللية وأنصاف الموهوبين، لكن يظل مجتمع المثقفين مختلفا ومثيرا.


■ «أجلس كثيرا ألعب النرد مع ظلي».. هل أضافت مواقع التواصل الاجتماعية إلى نصيبنا من الوحدة؟
أضافت الكثير، رغم أننا نظن العكس، يظهر على صفحتك عدد هائل من الأصدقاء لكن محصلة تفاعلهم معك تكاد تكون صفرا، وهو ما يجعلنى أتساءل ما جدوى وجودهم من الأساس؟ هل هو مجرد رقم نرجوه ونحرص طوال الوقت على ارتفاعه بالتعليقات وإشارات الإعجاب؟


■ أسماء الأماكن والشخصيات العامة وحتى الأفلام المذكورة فى الرواية هل أثار لديك قلقا من أن يؤدى إلى محدودية تلقى العمل؟
بالعكس، هى محاولة للاقتراب من القارئ وإضافة الواقعية للنص، لن أخفى عليك سرا، لقد غيرت بعض الاسماء التى تحدثت عنها بشكل سلبى داخل النص الروائي، لأنى لا أريد أن أجرح أحدا، ولا أرغب فى أن يقال إن نسرين تبحث عن الشهرة من خلال افتعال المشكلات فى الوسط الثقافى.


■ يدور السرد فى دوائر عديدة مركزها الوطن كما يتضح من بداية الرواية وحتى جملة النهاية، فكيف عالجت الرواية علاقتك بالوطن؟
الوطن هو المدار الأصيل فى النص، أحيانا مع المشكلات نظن أننا سنترك مصر ونعيش بسعادة بالغة فى الوطن البديل، وهذا غير حقيقي، يقول المثل «الغربة كربة»، ربما نفقد الأمل فى التغيير لما نصبو إليه، لكن تظل قلوبنا وأرواحنا معلقة بكل التفاصيل، الشوارع والطقس وملامح البشر.


1.12.13

زحمة..زين عبد الهادى

فوضى السرد و حرية الخيال, بهذا المنطق كتب الروائي زين عبد الهادي روايته " أسد قصر النيل". ستخدعك أول عبارة في هذا العمل " إلى الكلاب التي تبيض في صمت وكذلك إلى الدول..التي تنجب للعالم كل يوم - وبلا أدنى تردد -معتوها جديدا." فتظن انك بصدد قراءة عمل يمكن ان يصنف على انه "فانتازيا" لكنك من خلال كل حرف ستكتشف انك وقعت في شرك نص صعب رغم بساطة اللغة السردية.
الرواية مقسمة إلى عشرين فصلاً في إشارة للسنوات التي قضاها فتحي "بطل النص" فاقداً للذاكرة. تعتمد على تقنية الراوي العليم لكن من خلال عدة مستويات للوعى, من خلال كاتب الرواية فتحي السيد الصياد ابن العبد - "السيد العبد" كان اسم بطل رواية عبد الهادي "التساهيل في نزل الهلاهيل"- و في وعى اخر زين عبد الهادي نفسه ثم ستكتشف في نهاية الرواية ان فتحي و زين هم نفس الشخص. يتوازى مع السرد أغنية عدوية " زحمة يا دنيا زحمة" و أغنية نانسي سناترا" خمر الصيف" .
تدور الأحداث في مدينة "قاف" التابعة لطيبة التي تعانى الزحمة في كل شيء زحمة بشر, زحمة أفكار, زحمة أحداث, و زحمة المدعين و المنافقين. و هو عمل أراد كاتبة ان يكون كاشفا للتغيرات الاجتماعية, الثقافية, و السياسية في مصر مستخدماً اسماء فرعونية رغم انها تدور في الحاضر و كأنه يقول اننا توقفنا عن الإنتاج منذ العصر الفرعوني.
 "المسكوت عن اسمه" احد ايقونات الرواية و هو الحاكم الذى اعطى ابنه صلاحيات كثيرة و اعده لاستكمال المسيرة من بعده, في اشارة  لقضية توريث الحكم التي كانت احدى شرارات ثورة 25يناير.
لا اعرف ان كان زين عبد الهادى قد كتب روايته عقب ثورة يناير ام انه كمبدع استطاع ان يستشرف الثورة فميدان التحرير كان له دور كبير داخل احداث الرواية, " وجدت صورة حبيبتي، كانت الدماء تملأ وجهها وهي تنام على الأرض بعد أن اصطدمت بها واحدة من قنابل الدخان في ساحة ميدان التحرير، كنا معا، وكانت المظاهرة عارمة".
رغم ان الرواية ذكرتني بأفلام خالد يوسف لأنها تقدم الواقع المصري بكل ما فيه من سواد, إلا ان النص لم يخلو من مقاطع تدفعك دفعا نحو الابتسام خاصة حين يكتب "والمجنون حمدي أبوجليل بوجهه الطباشيري الذي يذكرني دائما بالطلاء الجيري حالة وهمية أخرى من الانجذاب لقاف، يمكنك أن تراه واقفا على عربة الفول في المساء ثم بعد أن ينتهي يأخذ ورقة جرائد يتطلع إليها في براءة ثم يمسح بها يديه وفمه ويلقيها على الرصيف." في إشارة للكاتب الشهير و رغبة معظم كتاب الاقاليم في الانتقال للقاهرة كونها عاصمة الفن و الثقافة.
من الملفت أن "الحشيش" ذلك النبات المخدر كتب عنه عبد الهادي في عدة مواضع من النص, للتعبير عن استهلاك شعب "قاف" له حتى يظلوا "عايشين في الوهم".

رواية ممتعه تحتاج لقارئ واع لخروج الكاتب عن السرد المألوف صدرت عن دار ميريت للنشر و التوزيع بالقاهرة في أربعمائة صفحة.

15.11.13

لا مفر





أنا..يقينك المذبوح على مقصلة الشك

الشعرة الرفيعة بين إيمانك و كفرك
 
أنا ذاتك..

فلا مفر..منى و لا منك

وعرة..الخمايسى

رغم أن معظم الأعمال الأدبية بعد ثورة 25 يناير تناولت الثورة بشكل او بأخر, اختار أشرف الخمايسي في روايته الجديدة  أن لا يخوض فيها، فأصبح الاحتلال الإنجليزي و العثماني لمصر هما البديل السحري له.
ترى ما الذى كان يفكر فيه أشرف الخمايسى عندما قرر أن يكتب رواية “منافى الرب”؟ سؤال كان يلح على رأسي كلما خضت في تفاصيل الحكاية. هل أراد أن يصدم المجتمع بأفكار ربما يخشى بعض أفراده أن تمر على عقولهم؟ أم رغب في استعراض عضلاته الإبداعية في نص يحمل جرأة الأسلوب السردي واللعب على حبال اللغة برشاقة؟
لقد خلقنا نشتهى الدنيا و نحاول أن نتناسى الموت نخشاه لأننا نجهله،  لكن “حجيزى”  بطل منافى الرب فعل العكس, ظل يفكر في الموت و نسى أن يتمتع بالدنيا. “حجيزى” الذى تزوج “سريرة” أجمل بنات زمانها و لم يقترب منها إلا ثلاث مرات خلال خمسين سنة زواج. ظل حبيس سؤال لا إجابة له و رغبة لم تتحقق. فهو يريد الخلود, يريد ان يظل موجوداً على الأرض بالجسد, و أن يكون جسده فواحة عطر برائحة البرتقال.
من أحاديث “حجيزى” مع صديقيه “سعدون” و “غنيمة” تتكشف عوالم مغايرة عن تلك التي ألفناها. في واحة “الوعرة” حيث يعيش الأبطال و تدور الحكاية تتغير بنا العصور. “فغنيمة” المتيم بشخصية البطل المملوكي” شقمق بيك” الذى حير العثمانيون في البحث عنه و كتب لهم عبارة “صليت العشاء بينكم” ليثير غيظهم. اكتشف أنه أفنى عمره في وهم لا حقيقة له و أن المسجد المكتوب فيه تلك العبارة لم يكن سوى سجن لتعذيبه. مات غنيمة من الحزن.
و”سعدون” الذى ظل يدعو الله أربعين سنة ليعطيه ولدا،  لكنه فقده هو و زوجته في لحظة إثر حريق هائل بعدما دعا عليهما أن يموتا محترقين، مات كما قالت له زوجته الأولى “بثينة” من الضحك و هو ينبش في صندوق عقله عن ذكرياتهما.
هل خلقنا الله ليعذبنا؟ أعتقد ان هذا السؤال هو الفكرة الرئيسية للنص. بين راهب قرر أن يترهبن بعدما قتل حبيبه “سيلين”. و رجل في الثمانين من عمره يبحث عن حل لمعضلة الموت. قرر الخمايسى أن يكسر تابوه “الدين” حيث لم يجد “حجيزى” ضرراً في أن يتنصر بحثاً عن الخلود. و لم يجد يوأنس مشكلة في أن يرتدى ثوب الدين ليتخلص من ذنب القتل..”يوأنس” الذى رفض أن يمارس الجنس مع حبيبته خوفاً من عقوبة الزنا، و لكنه ذبحها باسم الرب.
 براعة السرد و النقلات الأشبه بتكنيك التصوير السينمائي، أثارت رغبتي في مواصلة القراءة،  و تتبع أشرف الخمايسى و هو يرصد الحدث من زوايا مختلفة و من وجهات نظر مختلفة. لكنه أسلوب ربما يخدع القارئ. على سبيل المثال, رحلة “حجيزى” للجبل حيث يعيش الرهبان, ظننته سافر بعد الرؤيا، لكن في الحقيقة حدث هذا قبل عشرين سنة حين كان عمره ثمانين عااً.
أثار دهشتي العجائبية التي ضفرها الكاتب باقتدار داخل النص: عدم وجود ما يسمى بالجيش الفارسي الذى كان يتحدث عنه “غنيمة” صديق “حجيزى”. إلا ان الكاتب تركني على حافة اليقين, حين ذكر “غنيمة” أنه وجد طرحة “جالة” الأميرة الفارسية.
“منافى الرب”- الصادرة عن دار الحضارة للنشر و التوزيع بالقاهرة عام نفذت طبعتها الأولى في وقت قصير 2013- رواية مثيرة للعقل و الروح  معاً تدور أحداثها في واحة مختلقة  ليس لها وجود على الخارطة تتركك في حيرة رغم صفحاتها التي تخطت 360.
صدر للكاتب ايضاً, “السكَّاتة” مجموعة قصصية للأطفال, “الفرس ليس حرا” مجموعة قصصية, “الصنم”  رواية, و”الجبريلية” مجموعة قصصية. و هو من مواليد الأقصر عام 
1967.

* منشور بموقع السلم و الثعبان
http://elselmwaaltho3ban.com/%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%81/%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%A9/%D9%88%D8%B9%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%85%D8%A7%D9%8A%D8%B3%D9%89/

4.11.13

معرض الشارقة للكتاب 2013

 W7 رواية "عطر شاه" متوفرة بجناح مجموعة النيل العربية

بمعرض الشارقة الدولي للكتاب من 6-16 نوفمبر 2013


5.10.13

في مديح الصمت- جريدة المواطن


كنت قد عاهدت نفسى ان لا أكتب في السياسة مجددا, ليس فقط لأنها نجاسة, لكنى اردت ان اريح من يتهمونني بأنى من "عبيد البيادة" أو من "خلايا الإخوان النائمة". الصمت أراحني و أراحهم.

لم اكن الوحيدة التي تلعب في ميدان الصمت الرحب, فصديقتان مقربتان صارتا كذلك, و هنا من ثوار يناير و يونيو و ما بينهما. هن نزلن للميدان , واجهن الموت بشجاعة حسدتهم عليها, بينما كنت اتكئ على أريكتي اشاهد الثورة في التلفاز. لا, لم اكن عضوا بحزب الكنبة, كان جنينا يسبح في بركتي, أملاً ينمو داخلي. حين انقشعت الغمة, بكيت. ليس كبكاء المذيعة الشهيرة, لكنى شعرت ان دماء الشهداء لم تضع. 

و كتبت حينئذ في مديح الحلم.  حلمت ان طفلي سيتعلم في مدرسة حكومية و ستكون افضل من المدارس الخاصة. حلمت انه سيأكل طعاما نظيفا و يرتدى ثيابا رائعة "صناعة مصرية",  حلمت و الحلم في وقتها لم يكن عيباً و لا حراماً.

لماذا, صمتتا الآن, لان الكلام لم يعد مباحاً و لا حتى الاحلام. فهما وغيرهما الكثيرون اكتشفوا انهم ببساطة كانوا مجرد أدوات, وان الثورات تقوم كي يعتليها المتشدقون.

كلماتهم كانت مفاجأة غير عادلة بالنسبة لي, لأنها صادمة و موجعة.

مصر التي حيرت الجميع, صارت بين الكاذبين محتارة.

الثورة مستمرة و المجد للشهداء.


10.9.13

شغف الياسمين



"الروائح تشكل جزءًا كبيرًا من شغفي بالحياة، هي ذاكرتي الأكثر بقاءًا, أتذكر الناس برائحتهم و ليس بملامحهم, وأتذكر الأمكنة برائحتها لا بعنوانها. الدنيا رائحة بالنسبة لي".
صغيرة كنت حين أدركت أن للصباح رائحة، أتسلل من سريري بعد صلاة الفجر, لأقف في شرفة بيت جدي أنتظر ظهور الباعة الجائلين وهم يكملون صنع الطعام، بينما يشترى منهم المارة على الميدان، رائحة الفول النابت، الذي لم يرق لي يومًا، تمتزج برائحة الطعمية، والعدس الأصفر والكبد المحمر.
مذ كبرت لم أعد أستطيع ممارسة عادة التحديق في وجوه البشر، فبيت جدي في قرية صغيرة، مازال أهلها متمسكين بتقاليدهم, وجودي في الشرفة ربما يثير الشكوك. لأن نشر الغسيل مبرر منطقي, أحيانًا أبلل بعض الملابس حتى أقف لبضع دقائق أمارس خلالها عادتي القديمة.
لا أعلم لماذا يندهش البعض من أن لديّ مدونتين على الإنترنت، واحدة للإبداع الأدبي و أخرى للطبخ. أحب أن أطبخ, أن أصنع توليفات جديدة من البهارات والأعشاب العطرية تجعل رائحة طعامي أكثر إغراءً.
من وقفتي في شرفة بيت جدي ثم في مطبخ جدتي الضيق جدا, اكتشفت أن الطبخ إبداع لا يختلف كثيراً عن الكتابة, كل شخص لهُ مزيج و مزاج خاص يجعل مذاق أكله مختلفًا عن الآخرين, و هذا ما يدعونه "نـَفـَس".
***
عطر الياسمين, نسيته وأنا أجهز حقيبة سفري، وها أنا أتحمل نتيجة فعلتي النكراء، النوم لا يقترب مني إلا إذا وضعت بضع نقاط منه على أنفي، دقائق أخطفها من عمر القلق لأنام.
الياسمين, رائحة الدنيا التي شممتها حين خرجت من الظلام, و هي تعويذة أمي التي صنعت شغفي بالعطور.
أمي كمعظم النساء المصريات متعلمة لكنها فضلت أن تهتم بزوجها و أبنائها. طويلة بيضاء ممشوقة القوام، يبدو أنه متعلق بالوراثة فجدتي لأمي كانت كذلك وأنا أيضًا جسدي غير قابل للسمنة.
رائع أن نرث عن أمهاتنا شيئاً أخر غير الأمراض والأفكار الغريبة غير القابلة للاندثار.
تستمد كريمان، أمي، ثقافتها الدينية والسياسية والاجتماعية من برامج "التوك شو". و كنساء عربيات كثيرات, أَدمَنَت المسلسلات التركية التي جعلتها تتلفظ أحيانًا بكلمات باللهجة السورية.
كريمان تصدق كل من يتحدثون على الشاشة و تعتبرهم بشراً أفضل لأنهم النخبة, والنخبة عندها أولى بالتصديق, لذا صارت تسمع لتحفظ و تردد.
 في أحد الأيام بينما تشاهد أحد البرامج, عطس الضيف قالت
"يرحمكم الله".
استغربت ما فعلته، ظننت أنها قالتها تلقائيًا بحكم العادة, لكنها استطردت
"عارفة, الشيخ قال اليوم أن أحد صحابة الرسول سمع رجلاً يعطس على البر الثاني فركب المركب وعبر ليقول له يرحمك الله، وحين عاد قال له الرسول صلى الله عليه وسلم أن الله رحمه بسبب ما فعل".
سألتها "ماما الرسول كان في السعودية, و هي بلد تقع على بحر و خليج  فكيف سمع الصحابي عطسة أخيه الإنسان؟"،
صمتت لحظات و كأني صدمتها.
"أه صح"..
 و بقيت صامتة معظم الليل حتى ظننتها خاصمتني.
مظاهر الانعزال المجتمعي التي بدت واضحة في مصر لم تتمكن من السيطرة على أمي، التي مازالت تذهب لتزور أقرباءنا وترسل أطباق الطعام للجيران في المناسبات، تتودد لهم رغم أن لون باب بيتنا صار منسيًا لدى معظمهم.
يقولون أن للإنسان نصيباً من اسمه, أمي كريمان تلك الكريمة كاسمها, الرقيقة كعطرها.
***
صغيرة كنت حين شاهدت للمرة الأولى مذابح البوسنة و الهرسك المصورة على شريط فيديو أعطاها شخص منتمى للجماعة الإسلامية لأبى, في نفس الوقت كنت أسمع أغنية حميد الشاعري عن مذابح لبنان, بينما تمتلئ شاشة التلفزيون خلال نشرة الأخبار بصور مذابح فلسطين. عقلي البريء لم يحتمل بشاعة ما يرى, فتكونت لدى قناعة أن كل ما أشاهده يحدث في بلد واحد لها أسماء عدة.
في الليل, تظل صورة الجثث المنتفخة في الطرقات تلح على ذاكرتي, حين أغفو أحلم بما شاهدته خلال النهار, أصحوا مفزوعة أردد
"الله أكبر..الله أكبر"
فيأتي أبى لغرفتي, يضمني و يقرأ أية الكرسي و المعوذتان بينما تحضر أمي كوب من الماء المعطر بماء الورد.
***
"للكتابة سطوة ونشوة وشهوة...هي المجد الذي يمنحه الله للكاتب، من دونها هو مشعوذ مجنون".
لا أذكر متى بدأت ممارسة فعل الكتابة, لكن وقائع مشهد لا ينسى بيني وأمي يمر برأسي كثيرًا.
حاولت يومًا أن أكتب قصيدة, كنت في المرحلة الثانوية وقتها, تركت الدفتر على مكتبي مفتوحًا وذهبت لأشاهد مسلسل "عائلة ونيس"، فإذا بأمي تعطيني الورقة بعد أن مزقتها من الدفتر.
"خذي قطعي هذه".
لهجتها الآمرة أغضبتني, لماذا عليّ أن أمزقها؟ لم أسألها, أخذتها وأخفيتها عنها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقطع من رواية تصدر قريبا بعنوان "عطر شاه" عن مجموعة النيل العربية للنشر و التوزيع
ــــــــــــــــــــــــــــــ

28.8.13

عرض لرواية غرف حنين..بقلم: زكرياء ياسين



رواية رائعة جداً، أسلوب بسيط و جميل، تراكيب لغوية ممتعة .
الغلاف الأمامي للكتاب رائع، و العنوان مثير و جذاب دمجت نسرين البخشونجي بين "حنين" اسم الشخصية الرئيسية، و "الحنين " كاحساس لتختار "غرف حنين" كعنوان لروايتها القصيرة

الرواية تحكي عن قصص 5 أشخاص:
حنين (الشخصية الرئيسية و صاحبة الفندق). 
كرمة (المطلقة حديثاً)
آمال (العازبة الجميلة)
زينب (عاملة التنظيف) 
زاكي (الشاب المغربي المثقف الذي تعافى من المثلية الجنسية)
و تحكي بالتدرج حكايا كل شخص من هؤلاء بشكل سلس و سريع.


بداية و نهاية الرواية يحيلان على شيء واحد و هو وجود حنين في المستشفى إما تتعافى من غيبوبة أو مجروحة من حادثة سيارة خطيرة و هي تستحضر أحداث ماضية من خلال الفلاش باك (الإسترجاع). و في نهاية الرواية يبدو أن حنين بين الحياة و الموت لدرجة أنني فكرت أنها حاولت الإنتحار.



أكثر شيئين جديدين أحببتهم في الرواية هم :
1 - الطريقة التي تطرح بها كلام شخصية روائية غائبة عن المشهد لكنها تستحضر صوتها حتى تدافع عن موقفها و تطرح فكرتها. كان هذا الأمر تجديدي و رائع جداً. و لأول مرة أجده في رواية.

2 - قامت بتقسيم الرواية ل12 فصل. لكنها استخدمت عبارة "غرفة" بدل عبارة "فصل".

أحببت كثيراً كيف أثارت نسرين موضوع المثلية بشكل مختلف، و كأنها لم ترغب أن تلعب دور الواعظ أو دور القاضي لتقول الحقائق المطلقة المفروضة و لتحاكم الناس. كانت موضوعية في طرحها بحيث طرحت 2 وجهات نظر متعارضة و لم تبدي تحيز لأي واحدة. لكني لم أقتنع أن زاكي مثلي متعافي فقط لأنه لم يطنب في الشرح، و لم يقل كلاماً يؤكد أنه متعافي و ليس يحاول أن يتعافى. كانت هذه المعلومات ضرورية من اجل إغناء الشخصية كي تترسخ في ذهن القارئ، و مع ذلك لا أظن أنني سأنسى هذه الشخصية بالذات.



الإهداء في الغلاف الخلفي كان رسالة موجهة لزاكي!
هل يا ترى زاكي شخصية حقيقية استوحتها نسرين لتصبح شخصية روائية.


" أتدري يا زاكي، أنا لست تلك المرأة المهذبة التي تتكلم معك، ولا تلك الأنيقة التي تبدو في صورة البروفايل، كما أنني لست تلك الحنونة التي ساعدتك على الحديث في أمور شديدة الحساسية دون أن تشعر بحرج، ولست تلك التقية الورعة المولعة بالصوفية والتصوف " 


نقط سلبية : 

-1-
الرواية قصيرة، هذا اختيار الكاتبة لكن تمنيت أن أعرف الكثير عن زاكي المغربي، و تمنيت أن أعرف كيف ستتطور الأحداث المتعلقة بالشخصيات الأنثوية الأخرى، النهاية مفتوحة و لم تكن كافية كي تؤدي وظيفتها النفسية و التأثيرية.
هناك بعض الأشياء المهمة التي تنقص الرواية و هي متعلقة فقط بوصف نفسية و ماض الشخصيات. لم تكن الشخصيات كثيرة، لذا كان من الممكن الإسهاب في هذا الأمر. سأنتظر الجزء الثاني لو وجد :) 

-2-
بعض الأخطاء اللغوية البسيطة، يجب أن تهتم لها الكاتبة، بالإضافة للتنسيق الداخلي للكتاب.


إقتباسات : 


 ــ كان طريقها طويلًا، نفق أنبوبي مظلم... في آخره تمامًا يكمُن النّور، ذلك الذي يتخلّل لونه الناصع البياض خيوطًا شعاعية ذهبية، ضوء بللّوري لا يشبه أيًّا ممّا رأتهُ في حياتها.

ــ هنا في ذلك المكان الجديد الذي وصلت إليه، يتعارفون دون كلام... دون إشارة، هنا يقرؤون الأفكار.

ــ أنا لا أخشى الموت .. صدقنى .. حتى أننى لا أفهم يوما سر علاقة كلمة "بعد الشر" بالموت .. لماذا نحن البشر لا ندرك أن الموت حقيقة لا يمكن الافلات منها؟
لماذا نحلم بالأبدية رغم استحالتها ؟ .. و الأهم لماذا نعتبر مقابلة الخالق شرا ؟
نحن نخاف الموت و هو يعيش فينا .. و منه تمنحنا الحياة حياة .. فنحن كائنات تحيا بفعل الموت.

8.7.13

خارطة أحلامى- جريدة المواطن

أنا المواطنة الموقعة ادناه أعترف بأنى حزينة على صوتي الذى اضعته هدرا في المرحلة الأولى من الانتخابات الرئاسية  بالتصويت لصالح مرشح ظننته صاحب مبدأ و حين سقط القناع عن وجهه, عرفت ان عينه لم تكن على مصر بل كانت على الكرسي. كما أعترف بأنى لم أكن من عاصري الليمون في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية, ولم ألوث حبر وطنيتي بالتصويت لمرشح النظام السابق.

و بما أنى اعترفت, على الان إعلان خارطة أحلامي؟

أحلم بدولة قانون لا ينتمى قضاتها إلا لقيم العدل, لا ينحازون سوى للحق, و لا يعرفون تسيساً للأحكام.

أحلم بمصر منارة للعلم و المعرفة, لا تكفير فيها و لا تضليل.

أحلم بمجتمع متجانس لا يعرف الطائفية و لا يعترف بالإقصاء.

أحلم برئيس حكمته "ان الحياة زائلة و الأعمال باقية.

أحلم بطعام آمن غير مسرطن.

أحلم بعلاج مجانى, مستشفيات نظيفة , و رعاية طبية إنسانية.

أحلم باستقرار في الأسعار, فلا ترتفع كلما علم التجار بزيادة في المرتبات أو العلاوات.

أحلم بأناس لا يتقاتلون كلما اختلفوا في الرأي لأنهم تعلموا الدرس.

أحلم بوزراء شباب و منهج تداول سلطة.

أحلم بمواطنين يدركون حقيقة أن صاحب عباءة الدين لا يمكن أن يرتدى عباءة السياسة لأن صاحب عباءتين كاذب.

أرسموا معي خارطة أحلامكم, فالحلم فرض و اليأس حرام.


المجد للشهداء و الثورة مستمرة.

24.6.13

عزيزى الكافر-جريدة المواطن

عزيزى الثائر وفى قولهم «الكافر»، ليس لدى ما أقوله الآن غير أنى تعبت من حالة الاستعلاء الدينى التى
 يمارسها المحسوبون على الإسلام، من يتعاملون مع الدين على أنه قطعة عجين يمكن تشكيلها حسب إرادتهم ورؤيتهم فقط .

عزيزى العلمانى، وفى قولهم «الملحد»، ليس لدى ما أقوله غير أنى قرفت من حالة الشيزوفرانيا التى يمارسها علينا هؤلاء المحسوبون على الدين، وهم يقولون إن الخارجين على مرسى أعداء المشروع الإسلامى وهم أنفسهم أعداء الإسلام بسبب تعاملهم المنفر للدين، متناسين قول الله تعالى: 
{ولو كنت فظًّا غليظ القلب ﻻنفضوا من حولك}.

عزيزى المتمرد، وفى قولهم «الخارج عن القطيع»، ليس لدى ما أقوله بعد أن يئست من الذين يتعاملون مع الوطن على أنه شقة تمليك، نزلوا ثورة يناير ضد مبارك لأنه ظالم، ثم أباحوا قتل من سيخرج فى ثورة يونيو لأن الخروج على الحاكم حرام شرعًا. بالمناسبة، أعرف سلفيين سينزلون للميدان، ليس طمعًا فى حقائب وزارية أو مناصب وإنما لأن الكيل قد فاض بهم.

عزيزى المثقف، وفى قولهم «الحشاش»، ليس لدى ما أقوله بعدما امتلأت صفحات المتنطعين بصور تشوه النخبة والمثقفين، أخذوا الجميع بذنب قلة نسبت نفسها لهم، سواء من الفلول أو أصحاب المصالح حتى نظل شعبًا بلا ضمير ولا إحساس.

عزيزى المسيحى، وفى قولهم «الصليبى»، ليس لدى ما أقوله بعد أن نشر المتخلفون فيديو وكتبوا تعليقًا يثير النفوس بأن الكنيسة تحرضكم على قتل الإسلاميين لأن الدعاء يقول: «دم يسوع لازم يملأ مصر، التحرير والاتحادية»، وهم يجهلون أن العقيدة المسيحية مبنية أساسًا على فداء السيد المسيح للبشرية بدمه.


عزيزتى مصر، وفى قولنا «بهية»، ليس لدى ما أقوله بعد أن صرت كما صرت، لم نحمِك، و لم نسع لأن تستعيدى مجدك و زهوك. فى البدء كنتِ النور والعلم، ثم صار شعبك يتناحر فيما بينه باسم الدين، ظاهريًا يعلنون محبتك ويخونون عهدك فى الخفاء. إنها لعبة مصالح، وفى قول آخر "عقوق" الوطن.

16.6.13

لقاء الهجص والغضب- جريدة المواطن

أيام وأحداث كثيرة مرت منذ قرر عدد من المثقفين الاعتصام بمكتب وزير الثقافة الجديد "د. علاء عبد العزيز". الأمور كانت تسير بشكل يليق تمامًا بنخبة مصر حتى قرر أحمد المغير وجماعته أن يذهبوا ليلقنوا المعترضين درسًا.
السؤال الآن: هل يرغب المؤيدون للوزير الجديد تشويه المثقف المصرى وإظهاره كبلطجى مثلما فعلوا مع الثوار؟ هل أساء من قاموا بضرب أحمد المغير وعمرو عبد الهادى للنخبة التى من المفترض أن تحمل لواء الرقى والأخلاق؟
لا أملك الإجابة الآن، لكن الأسئلة التى تلح علىّ كفيلة بإكمال حالة الحيرة المسيطرة على رأسى.
هل يستحق وزير الثقافة الجديد كل هذا الغضب؟ وما سر هذا الرفض الذى لم يكن له مثيل؟
حين أُعلن اسم وزير الثقافة فى التعديل الوزاري=ى مؤخراً بحثت على شبكة الإنترنت كى أعرف إسهاماته فى المجال الثقافى فلم أعثر على شىء يستحق القراءة. استمريت فى بحثى حتى تأكدت أنه لم يقدم للمكتبة العربية أى إضافة تذكر، وأن من صار وزيراً للثقافة المصرية لم يسهم - ولو بفكرة- فكيف وصل إلى هذا المنصب الرفيع؟!!
من هنا استمديت موقفى الرافض لهُ.
فيديو على صفحة إحدى الصديقات على موقع الفيس بوك لبرنامج حل الوزير فيه ضيفًا على قناة 25 دفعنى للمشاهدة، ربما بسبب التعليق الذى أرفقته والذى أشعرنى بأن عدد من المعتصمين لديهم أسباب غير وجية. فكرت أن أمنح نفسى فرصة استمد منها ثقتى بأنى محايدة. لكن الحوار شهد سقطتان للوزير.
الأولى: فى بداية اللقاء حين تحدث مقدم البرنامج عن "الأرجوز" باسم يوسف الذى انتقد الوزير المنتمى لحزب قال أنه قومى عربى لكن الحقيقة تنفى ذلك. فأنكر السيد الوزير انضمامه لحزب التوحيد العربى بطريقة مراوغة، لكن أعضاء الحزب يفتخرون بالوزير وامتلأت صفحاتهم على الفيس بوك بإنجازاته وقراراته.
السقطة الثانية: حين بدأ وصلة "الهجص" حيث أكد أنه له كتابان منشوران خارج مصر لأن النشر الحكومى فى مصر له حسابات أُخرى، ثم أكد على أنه شارك الرائع الراحل د. عبد الوهاب المسيرى فى موسوعته "اليهودية والصهيونية" ليخرج علينا مدير الموسوعة نافيًا هذا الكلام.
لكن ظلت الأوراق التى اخرجها عبد العزيز ليثبت أن الحرب عليه ليست دفاعًا عن الثقافة وإنما دفاعًا عن مصالح لدى بعض الأفراد المنتمين للوسط تثبت وقائع فساد بالوزارة، هى الحسنة الوحيدة التى خرجت بها من هذا البرنامج.
تبقى كلمة أخيرة "ليس ذنب المعتصمين فى الزمالك أن الراقصة صفوة والفنانة غادة عبد الرازق يعتبرن أنفسهن من المثقفين".

15.6.13

أفلا تعقلون- موقع الحوار المتمدن

منذ أعلن عدد من الدعاة ضرورة الجهاد في سوريا خاصة بعد خطبة الشيخ محمد العريفي الذى جاء من السعودية  ليخطب في مصر عن الأزمة السورية يكاد رأسي ينفجر. فهو نفس اليوم " الجمعة الماضية"  الذى نظمت القوى الإسلامية المصرية مليونيه لنصرة سوريا, هم أنفسهم من نظموا مليونيه لنصرة القدس و رددوا خلال الخطبة شعار " على القدس رايحين شهداء بالملايين" و لم يفعلوا. لكنى لا أحب التنظير والمراوغة, من منكم سمع أن أحد هؤلاء الدعاة ذهب فعلاً لسوريا أو فلسطين أو بورما؟  أمثالهم يفتون الفتوى, يشعلون بها القلوب و النفوس ثم يذهبوا لبيوتهم ليأكلوا ما لذ و طاب, يجلسون في غرف مكيفة على أثاث غال.

يقول "دعاة الفتنة" أن الأزمة السورية سببها طائفي و أن الشيعة يريدون محو الهوية السنية من خارطة الشام. أنا مع هذا الرأي و لا أنكر كرهي لكل طائفي متطرف , لكنى غضبت حين تصرف حسن نصر الله بنفس المنطق, و غضبتم انتم و سميتم حزبه "حزب الشيطان". وغضبنا من إيران التي تلعب لعبة قذرة في المنطقة العربية لأنها تساعد بشار. أتذكرون؟

طيب, ما الحل إذاً؟

هل يعلن أهل السنة الحرب على أتباع الطائفة الشيعية و نبدأ في القتال؟ نبلع الطعم الذى رمته لنا "أمريكا و إسرائيل" و نبدأ في التناحر فيما بيننا و ننسى أننا جميعا مسلمون و أننا أبناء وطن واحد؟ ننسى عروبتنا؟ أمريكا التي ستوفر السلاح كي تكتمل الجريمة و تتحول سوريا لعراق جديدة بيد عربية, ماما أمريكا لئيمة و خبيثة. حينها لن تنزلق سوريا الشقيقة وحدها في بئر الطائفية, بل سندخله جميعا دولة تلو أخرى و ننسى أن إسرائيل تستبيح المقدسات في القدس.

الحل هو رحيل الأسد, ثم انتخابات رئاسية نزيهة, ثم عمل لإعادة بناء وطن أستهلكه صاحب نزعة دموية.
لن تفلح أمة تتناحر فيما بينها لأسباب طائفية, تكاتفوا, توحدوا.

في النهاية سأذكركم بقول الله تعالى " تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ". ربما تفهمون أن بعض "الدعاة" هم سلاح العدو الذى سيحيل أرض العروبة إلى جحيم.

6.6.13

للإنسانية وجه واحد- مجلة الدانة

ربما يكون عاديا ان تقرأ رواية لم يحدد كاتبها بشكل دقيق المكان أو الزمان, الغير عادى بالنسبة لي أن أقرأ رواية ليس بها بناء سردي بالشكل المتعارف عليه و انما حوار بين بطلتي النص.

إعلان صغير مكتوب باللغة التركية في إحدى الجرائد الألمانية قرأته الشابة بيلين التي تبحث عن عمل لتستطيع ان تكمل دراستها هو بداية علاقة غير عادية مع روزيلا السيدة المسنة. كل ما تريده هذه المرأة الألمانية الوحيدة أن تتحدث في أي شيء بشرط أن يدور الحوار باللغة التركية, لغة زوجها الراحل. فهي مؤمنة بأن إحياء اللغة, إحياء لذكرياتها و حياتها التي أوشكت على الانتهاء.

"الأمومة و الأبوة يجرحان أكثر من هتلر" هكذا قالت العجوز روزيلا لبيلين التي عبرت عن بغضها لتصرف أمها حين انفصلت عن والدها و تزوجت رجل أخر لأنها احبته. حديث بيلين فتح باب أحزان روزيلا على مصرعيه. فالمرأة ظلت طوال الوقت تحاول ان توضح للفتاة ان مشاعر الامومة و الابوة اقوى من ان يتخيله الابناء.

فروزيلا التي أرغمتها الحرب العالمية الثانية على ترك زوجها في ألمانيا و السفر إلى تركيا وقعت في حب الشاعر التركي ريجان أثناء غياب الزوج. بعد خمس سنوات حين يعود الزوج تستأنف حياتهما بشكل عادى, ستكتشف يوم وفاته أنه كان على علم بعلاقتها بريجان, لكنه سامحها لأنه يحبها بينما لم تفعل أبنتها بل قاطعتها و هاجرت لأمريكا.

الحكاية إذاً وجهان لعملة واحدة, الحب هو مفتاح السعادة و الحزن.

الإطار الصوفي للحكاية هو أكثر ما يميزها و البعد الفلسفي و التاريخي في النص أضافا عمقاً و ثراء, فالسيدة اليهودية تصلى و ترجو الخالق أن يغفر لها و يدخلها جنته, هكذا الفتاة المسلمة, و هكذا كل البشر على اختلاف الديانات و المذاهب, كلنا نتلو نفس الدعاء و رجاءنا واحد. و تبقى الإنسانية رغم اختلاف الدين, الجنسية و العمر, تجربة لا تعترف بالفروق.


"الصلوات تبقى واحدة" رواية مميزة للكاتب التركي الشاب تونا كيرميتشى و ترجمة بديعه للكاتب الشاب عمرو السيد.