Pages

1.12.13

زحمة..زين عبد الهادى

فوضى السرد و حرية الخيال, بهذا المنطق كتب الروائي زين عبد الهادي روايته " أسد قصر النيل". ستخدعك أول عبارة في هذا العمل " إلى الكلاب التي تبيض في صمت وكذلك إلى الدول..التي تنجب للعالم كل يوم - وبلا أدنى تردد -معتوها جديدا." فتظن انك بصدد قراءة عمل يمكن ان يصنف على انه "فانتازيا" لكنك من خلال كل حرف ستكتشف انك وقعت في شرك نص صعب رغم بساطة اللغة السردية.
الرواية مقسمة إلى عشرين فصلاً في إشارة للسنوات التي قضاها فتحي "بطل النص" فاقداً للذاكرة. تعتمد على تقنية الراوي العليم لكن من خلال عدة مستويات للوعى, من خلال كاتب الرواية فتحي السيد الصياد ابن العبد - "السيد العبد" كان اسم بطل رواية عبد الهادي "التساهيل في نزل الهلاهيل"- و في وعى اخر زين عبد الهادي نفسه ثم ستكتشف في نهاية الرواية ان فتحي و زين هم نفس الشخص. يتوازى مع السرد أغنية عدوية " زحمة يا دنيا زحمة" و أغنية نانسي سناترا" خمر الصيف" .
تدور الأحداث في مدينة "قاف" التابعة لطيبة التي تعانى الزحمة في كل شيء زحمة بشر, زحمة أفكار, زحمة أحداث, و زحمة المدعين و المنافقين. و هو عمل أراد كاتبة ان يكون كاشفا للتغيرات الاجتماعية, الثقافية, و السياسية في مصر مستخدماً اسماء فرعونية رغم انها تدور في الحاضر و كأنه يقول اننا توقفنا عن الإنتاج منذ العصر الفرعوني.
 "المسكوت عن اسمه" احد ايقونات الرواية و هو الحاكم الذى اعطى ابنه صلاحيات كثيرة و اعده لاستكمال المسيرة من بعده, في اشارة  لقضية توريث الحكم التي كانت احدى شرارات ثورة 25يناير.
لا اعرف ان كان زين عبد الهادى قد كتب روايته عقب ثورة يناير ام انه كمبدع استطاع ان يستشرف الثورة فميدان التحرير كان له دور كبير داخل احداث الرواية, " وجدت صورة حبيبتي، كانت الدماء تملأ وجهها وهي تنام على الأرض بعد أن اصطدمت بها واحدة من قنابل الدخان في ساحة ميدان التحرير، كنا معا، وكانت المظاهرة عارمة".
رغم ان الرواية ذكرتني بأفلام خالد يوسف لأنها تقدم الواقع المصري بكل ما فيه من سواد, إلا ان النص لم يخلو من مقاطع تدفعك دفعا نحو الابتسام خاصة حين يكتب "والمجنون حمدي أبوجليل بوجهه الطباشيري الذي يذكرني دائما بالطلاء الجيري حالة وهمية أخرى من الانجذاب لقاف، يمكنك أن تراه واقفا على عربة الفول في المساء ثم بعد أن ينتهي يأخذ ورقة جرائد يتطلع إليها في براءة ثم يمسح بها يديه وفمه ويلقيها على الرصيف." في إشارة للكاتب الشهير و رغبة معظم كتاب الاقاليم في الانتقال للقاهرة كونها عاصمة الفن و الثقافة.
من الملفت أن "الحشيش" ذلك النبات المخدر كتب عنه عبد الهادي في عدة مواضع من النص, للتعبير عن استهلاك شعب "قاف" له حتى يظلوا "عايشين في الوهم".

رواية ممتعه تحتاج لقارئ واع لخروج الكاتب عن السرد المألوف صدرت عن دار ميريت للنشر و التوزيع بالقاهرة في أربعمائة صفحة.

No comments:

Post a Comment

أرحب بجميع الآراء و الملاحظات على مدونتي ^_^

قال تعالى : { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }

نسرين البخشونجى