Pages

24.3.09

الفراشة

فى ليلة صيفية حارة, وقفت سُمية فى شرفة المنزل, كانت نتظر إلى السماء بنجومها و بدرها المكتمل. ذكّرها ذلك الجو بحدث قد مرت به وهى طفلة صغيرة, و لم تنساه قط, عندما أخذتها جدتها فى سيارة والدها الى مكان غريب لم تذهب اليه من قبل. كانت فى العاشرة تقريباً, ترتدى بلوزة بيضاء مرسوم عليها فراشة تحلق فى السماء و بنطالاً وردى اللون. أكثر ما تذكره عن هذا المكان هو الكراسى الكثيرة المصفوة على جانبى الغرفة, كانت تلك الكراسى معدنية ملونة باللون الأبيض. بينما كانت تجلس سُمية مع جدتها و كانت تتسأل عن والدها الذى اختفى من المكان, نادت سيدة سمينه على اسمها...قامت الجده و أمسكت يدها فى حنان و دخلا الى غرفة أخرى, فيها رجل يرتدى نظارة طبيه, فى عينية نظرة واثقة, وضعها على جهاز و هى واقفة ثم شكها فى أحد أفخاذها فى غفلة منها, ثم قال للجده "انتظرن ربع ساعة".


انقضى الوقت بسرعة و قد بدأت الصغيرة تشعر بإحساس غريب بين الخوف و الضعف... دخلا الى الغرفة من جديد, ثم قال لها الرجل استلقى على السرير, كان يتحدث معاها و فجأة لم تشعر بنفسها. فى ذلك الوقت حلمت بحلم غريب لكنه مضحك جداً , إذ انها رأت نفسها فى مصنع لتعليب سمك التونة و أنها قد تم تعليبها و وضع على العلب المعدنية صورتها , لم تكن هى الوحيدة التى تم تعلبت بل أن الشخصيتين الكرتونيتين القط توم و الفـأر جيرى كانا يمران بنفس التجربة. أفاقت من ذلك الحلم لتجد نفسها بين يدى والدها خارجا من ذلك المكان المريب و نساء وقفات يزغردن و يباركن له. أما هى فكانت تشعر بجفاف فى الحلق, و إحساس خانق بالوهن و الضعف.


هى الأن واقفة فى شرفة المنزل, تتذكر كيف أدركت حقيقة ما حدث... عندما بدأت الغيوم تجتاح صفحة السماء ليتوارى خلفها البدر, و يتلاشى نوره ليخيم الظلام
.

No comments:

Post a Comment

أرحب بجميع الآراء و الملاحظات على مدونتي ^_^

قال تعالى : { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }

نسرين البخشونجى