Pages

30.3.12

أصلان الذى لم أعرفه


احتلت صور الكاتب الكبير إبراهيم أصلان صفحات معظم أصدقائي على موقع الفيس بوك مساء السابع من يناير. اندهشت.. قلت لنفسي ربما يكون قد حصد جائزة أدبية جديدة. لكن قبل تكتمل دهشتي تلك وقعت عيوني على كلمات لم أستوعبها للحظة, فالصديقة الكاتبة نهى محمود كتبت" أصلان..ينفع كده" بينما كتب الكاتب محمد عبد النبي " الله يرحمك يا عم أصلان.. خدتنا على غفلة". أما ما كتبه الشاعر شعبان يوسف فلم يكن صادماً بل موجعاً حتى أنى لم أستطع قراءته مرة أخرى. لكن عقلي أبى أن يصدق..فصرت أجول بين المواقع الإخبارية التي أكدت الخبر. مات إبراهيم أصلان. لا أدرى كم ساعة مرت عليّ قبل أن أشعر برغبة في كتابة نعى على صفحتي بالفيس بوك بحجم محبتي و تقديرى لهُ, لكن الكلمات انمحت من ذاكرتي و لم تسعفني اللغة فلم أكتب سوى "مالك الحزين..رحل".

اعتدت أن أحزن لرحيل كاتب قرأت لهُ أو فنان أحببت إبداعه, في كل مرة أشعر بالآسي لأني لم ألتقي به شخصياً و لم أعرفه عن قرب و ظلت علاقتي الوحيدة به هي الإبداع. و أتسائل هل أنا محظوظة لأن مقدار حزني أقل بكثير من الذين عرفوه عن قرب, أم غير محظوظة لأن الاقتراب من الشخصيات الفريدة كنز خسرته.

إلى أن نشرت الكاتبة مي خالد مقالاً بعنوان" صحوة الرحلة الأخيرة" على صفحتها على الفيس بوك, أعجبني العنوان ظننته نصاً إبداعياً فشرعت في قراءته. لكن النص كان رثاءً راقياً للراحل أصلان, وصفت مي علاقتها القصيرة به..كيف أنه كان يحمل قلب طفل و روح شاب و جسد عجوز. لم يكن مقال مي هو الوحيد الذي جعلني أدرك حجم خسارتي بل كل كلمه كتبها زملائي و أصدقائي عن أصلان كانت كفيلة بأن أدرك فداحة خسارتي.

هل لي أن أعترف بأني كنت قد نويت حضور ندوة تأبين الراحل عبد الرحمن أبو عوف بجمعية محبي الفنون التي كان مقرر إقامتها يوم الثامن من يناير لأقابل أصلان الذي كان قد خرج من المستشفى قبل أيام وفضلت أن أرجئ اللقاء لأني لم أرغب في أن أراه راقداً كي لا يرتبط لقاءنا الأول في ذاكرتي بمرضه و ضعفه.

هل لي أن أعترف بأني خجلت من طلب رقمه من أبنه هشام الذي تربطني به علاقة زمالة منذ عدة سنوات و اكتفيت في كل مرة التقى به بالسؤال عن صحة والده.

لست محظوظة إذاً..لأني لم أقترب من شخص في إنسانية أصلان, لكن عزائي الوحيد هو اليقين بأن المبدع الحق لا يموت بل يظل خالداً و باقياً في كل مكتبة تضم أعماله و في ذاكرة كل قرائه. كتب أصلان يوماً " ."إن العبرة ليست أبداً فى معرفة الناس, إنما فى الإحساس بهم


*المقال منشور بمجلة الثقافة الجديدة عدد مارس

No comments:

Post a Comment

أرحب بجميع الآراء و الملاحظات على مدونتي ^_^

قال تعالى : { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }

نسرين البخشونجى