Pages

6.6.13

للإنسانية وجه واحد- مجلة الدانة

ربما يكون عاديا ان تقرأ رواية لم يحدد كاتبها بشكل دقيق المكان أو الزمان, الغير عادى بالنسبة لي أن أقرأ رواية ليس بها بناء سردي بالشكل المتعارف عليه و انما حوار بين بطلتي النص.

إعلان صغير مكتوب باللغة التركية في إحدى الجرائد الألمانية قرأته الشابة بيلين التي تبحث عن عمل لتستطيع ان تكمل دراستها هو بداية علاقة غير عادية مع روزيلا السيدة المسنة. كل ما تريده هذه المرأة الألمانية الوحيدة أن تتحدث في أي شيء بشرط أن يدور الحوار باللغة التركية, لغة زوجها الراحل. فهي مؤمنة بأن إحياء اللغة, إحياء لذكرياتها و حياتها التي أوشكت على الانتهاء.

"الأمومة و الأبوة يجرحان أكثر من هتلر" هكذا قالت العجوز روزيلا لبيلين التي عبرت عن بغضها لتصرف أمها حين انفصلت عن والدها و تزوجت رجل أخر لأنها احبته. حديث بيلين فتح باب أحزان روزيلا على مصرعيه. فالمرأة ظلت طوال الوقت تحاول ان توضح للفتاة ان مشاعر الامومة و الابوة اقوى من ان يتخيله الابناء.

فروزيلا التي أرغمتها الحرب العالمية الثانية على ترك زوجها في ألمانيا و السفر إلى تركيا وقعت في حب الشاعر التركي ريجان أثناء غياب الزوج. بعد خمس سنوات حين يعود الزوج تستأنف حياتهما بشكل عادى, ستكتشف يوم وفاته أنه كان على علم بعلاقتها بريجان, لكنه سامحها لأنه يحبها بينما لم تفعل أبنتها بل قاطعتها و هاجرت لأمريكا.

الحكاية إذاً وجهان لعملة واحدة, الحب هو مفتاح السعادة و الحزن.

الإطار الصوفي للحكاية هو أكثر ما يميزها و البعد الفلسفي و التاريخي في النص أضافا عمقاً و ثراء, فالسيدة اليهودية تصلى و ترجو الخالق أن يغفر لها و يدخلها جنته, هكذا الفتاة المسلمة, و هكذا كل البشر على اختلاف الديانات و المذاهب, كلنا نتلو نفس الدعاء و رجاءنا واحد. و تبقى الإنسانية رغم اختلاف الدين, الجنسية و العمر, تجربة لا تعترف بالفروق.


"الصلوات تبقى واحدة" رواية مميزة للكاتب التركي الشاب تونا كيرميتشى و ترجمة بديعه للكاتب الشاب عمرو السيد.

No comments:

Post a Comment

أرحب بجميع الآراء و الملاحظات على مدونتي ^_^

قال تعالى : { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }

نسرين البخشونجى