Pages

16.4.09

و كأن شيء لم يكن

في غرفة بإحدى المستشفيات أرقد الآن, لم أصب بإصابات بالغة: كسر بالساق، و..، لا أتذكر، ربما بسبب ضعف في التركيز من أثر الصدمة. الشيء الوحيد المؤكد هو سؤال واحد يسيطر على ذهني الآن, هل يمكن أن يكون هو, أم إن الصدمة جعلتني أرى خيالات؟ كانت مشاعري متضاربة إلى أقصى حد, تملكتني الحيرة وغمرتني إلى حد الغرق, بدأت أراجع تفاصيل الحادث مع نفسي.
كنت أعبر الطريق مسرعة كي ألحق بموعدي مع صديقة, حيث تواعدنا للتحضير لحفل خطبتها. فاجأتني سيارة, صدمتني بقوة.. لم أشعر بنفسي إلا وقد سقطت على الأرض, تجمهر حولي المارة، وكان هو بينهم.. وجهه آخر ما رأته عيناي قبل أن أفقد الوعي.
على أحد مواقع التدوين الشهيرة تعرفت عليه, حيث كان مدونًا نشطًا، وكنت أنا كذلك من حين لآخر كلما سنحت لي الظروف.
تعمقت علاقتنا من خلال التعليق على تدوينات أحدنا الآخر, ثم تطور الأمر إلى شغل مساحة أكبر من حجم بريدنا الإليكتروني.
بعد عدة أشهر طلب مني أن نترك ذلك العالم الإفتراضي ونلتقي في إحدى الحفلات الثقافية المقامة في وسط البلد , لم أتردد أبدًا في قبول دعوته.
التقينا.. ومنذ اللحظة الأولى كان لقاؤنا مختلفًا عن أي اثنين يلتقيان للمرة الأولى.. لقاؤنا كان حميميًّا مزينًا بمشاعر الألفة الصادقة.
كان أمجد طويل القامة قوي البنية, بشرته بيضاء كالثلج, بشعره الأسود الذي قد بدأ في التراجع إلى الخلف. أكثر ما أثار دهشتي في هيئته كانت ملابسهُ المتسمة بالكلاسيكية المفرطة.
يومها تحدثنا كثيرًا و كأننا التقينا بعد طول غياب, عندما شعر بأنني قد بدأت أستعد للذهاب, طلب مني الزواج، وكانت المفاجأة!!!
فقلت لهُ مندهشة:
- جواز..؟! كده على طول؟! حرام عليك يا ابني دا إحنا لسه عارفين بعض من ساعة .
- أنا باتكلم بجد، إنتي ليه مش مصدقاني, أنا بحبك.
صمتُّ للحظة ثم قلت:
- طيب سيبني أفكر وأستخير ربنا.
لا أنكر أنني كنت أنا الأخرى أكن له مشاعر صادقة وقوية. فعدتُّ إلى البيت والنشوة قد أسكرتني.. ورائحة عطرة مازالت في يدي, فحكيت لأمي كل شيء.
ثم بدأت علاقتنا تأخذ منحنى آخر, وارتبطنا عاطفيًّا، وفي موعدنا الأول جاء لاصطحابي من المنزل, وتعرف على أمي التي طلبت منه أن يحافظ عليَّ. استمرت علاقتنا على هذا النحو لبضعة أشهر, قبل أن يبدأ صدام لرغبتي في أن يتقدم لي بشكل رسمي.
فاجأني هو برغبته في السفر إلى إحدى الدول الغربية كي يحصل على الجنسية ويكوِّن نفسه بشكل أفضل و..و..
أسبابه كانت كثيرة جدًّا حتى إنه لم يعطني فرصة للاعتراض.
سافر أمجد، وانقطعت الاتصالات بيننا, حتى مدونتهُ لم يعد يكتب بها, بالتالي لم أعد أعرف عنهُ شيئًا.
فتحت في إحدى الأيام صندوق البريد الإليكتروني, أصابتني حالة ذهول شلت ذهني لعدة ثوان, هو من جديد.. نفس أسلوبه, يتعامل وكأن شيئًا لم يكن.
- أنا هنا يا حبيبتي.. أنا في مصر.
ترددت كثيرًا: هل أرد عليه؟ ثم قررت أن لا أفعل, قررت أن أثأر لكرامتي و لقلبي. بعد عدة أيام كنت أستعد للخروج، رن جرس البيت, لم أهتم بالرد, لم أهتم حتى بمعرفة رقم الطالب, فقد كنت متعجلة جدًّا.
وبعد ساعتين تقريبًا رن جرس المحمول برقم لا أعرفه, ترددت في الرد؛ فقد كنت في الجامعة والمكان مزدحم جدًا، و بالفعل لم أرد.. ولكن الهاتف رن من جديد.
- ألو
- إزيك يا حبيبتي، وحشتينى جدًّا, إنتي فين؟
- مين؟ بدأ قلبي يخفق بكل قوته.
- معقول مش عارفاني, نسيتي صوتي يا قلبي؟
- أهلاً يا أستاذ أمجد, حمد الله على السلامة.
- أستاذ أمجد إيه يا بنتي, أنا حبيبك، ماينفعش يبقى في كلامنا أستاذ وأستاذة..
تعجبت جدًّا من طريقته, فللمرة الثانية يتعامل وكأن شيئًا لم يكن. أسلوبه استفزني جدًّا فنهرته بشدة:
- أستاذ أمجد، أنا مش هاقدر أتكلم دلوقتي، أنا في الجامعة ومشغولة جدًّا. ثم قررت أن أنهي المكالمة.
كان الدم يغلي في عروقي, و تساءلت: ماذا يريد؟ بعد نصف ساعة وجدتهُ أمامي بشحمه ولحمه.. استجداني كثيرًا كي أسمعه, فأعطيته الفرصة بشرط أن لا نخرج من الجامعة.
لم أساله لماذا تركني؛ رغم أن السؤال كان يلح على ذهني بشدة ويفقدني تركيزي. بدأ يتحدث عن حياته في الغربة, وأنه ندم كثيرًا لأنه تركني, وأنه كان سيحزن إن وجدني قد ارتبطت , وأنهُ.. و أنهُ..
بادرتهُ بالسؤال:
- أمجد، إنت مسافر تاني إمتى؟
- بعد شهر
- أقول لك بصراحة, أنا متأكدة إنك هاتعمل كده تاني وهاتنساني.
- لأ ماتقوليش كده.. أنا عايز أتجوزك, أنا هاخد خطوة جديه في موضوعنا, إنتي بس حددي لي ميعاد.. و أقسم أنهُ لن يسافر إلا و قد أنهى قصتنا.
-فجأة طرأ على ذهني سؤال, فسألتهُ كمن يحقق في قضية:
- إنت اتعرفت على بنت هناك؟
- تردد كثيرًا قبل أن يجيب..
- بصراحة أيوة
فحكى لي عنها, أين تعرف عليها، وكيف أغرم بها. و كيف انبهر بتفتحها وثقافتها.. أضاف أنها منحته ما لم أمنحه إياه, فمعها اكتشف فحولته، وبين ذراعيها أرضى غروره كرجل.
عاش معها وقابل أصدقاءها الذكور.. وكيف كانوا يخرجون في مجموعات ليشربوا في نخب الحرية.
وقبل أن أفقد عقلي بحديثه المستفز عنها, قاطعتهُ متسائلة:
- أمجد، بما إننا بنتكلم بصراحة ما تقول لي إنت سيبتني ليه؟
وعدته أن لا أغضب وأن أتحلى بالتفتح الذي أوقعه في غرام الخوجاية.. و رجوتهُ كثيرًا حتى أجاب.
- بصراحة أنا كنت شايف إنك بنت سايبة.. أمك بتسمح لنا نخرج من قبل ما نتخطب.. خفت منكم.
لم أهتم كثيرًا بأن أعرف الباقي.. تركتهُ وذهبت.. وكأن شيئًا لم يكن.

2 comments:

  1. السلام عليكم
    هاتصدقينى لو قلتلك انا معرفش وصلت عندك ازاى كنت بحاول اجد شيىء دخلت فى شيىء ومن مكان لاخر وجدت نفسى على باب مدونتك وبالفعل دفعنى فضولى لمعرفة المكان الذى انا فيه وعلاما يحتوى فنظرت حولى وقرات اول بوست
    مش عارف اقول ايه لوانا مكانه كنت هاعمل ايه بس صدقينى انتى جميله انك ادتيه فرصه تانيه يمكن فيه ناس تانيه بتنحرم منها
    بس مش عارف انا صح ام غلط هذا ليس حب بل اعجاب لان الحب ليس كلام او مقابله او او الحب دا شيىء خالد لايفنى الابفناء الجسد بل ويصعد مع الروح للسما لانه يسمو بالانسان
    يمكن لو مكنتش دخلت بيتك وتعرفت على والدتك كنت ممكن اقول معرفه عابره رغبه فى اثبات انى مرغوب فيه وانى ليه بنات اعرفهم وكده بس صدقينى الانسان دا او بطك اخطأ وهذا ليس رجل شرقى لان الانسان الشرقى من يخاف على الغريب كانه قريب والحبيب كانه اخ
    كما ان البطله تسرعت بقبول دعوته ولم تستطيع ان تفكر ولو لبرهه من الوقت وتحكم العقل


    انا مش معلق جيد بس انا بحكم بمشاعر انسان خاف على البطله كانها اخت وكمان حطيت نفسى مكان البطل وملانى الشك بس فى الاول والنهاية اقدر اقول ان هذا ليس حب
    تقبلى مرورى وتعليقى الطويل الرخم وياستى لو قبلتينى كا قارىء ليكى ممكن تمنى عليه بزياره لمدونتى علشان اعرف ارجع هنا تانى

    ReplyDelete
  2. صدقنى مش عارفة أعلق بعد تعليقك

    أتمنى فقط أن تعود الى مدونتى قريباً
    تحياتى

    ReplyDelete

أرحب بجميع الآراء و الملاحظات على مدونتي ^_^

قال تعالى : { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }

نسرين البخشونجى